هناك أناس يظهرون في حياتك فجأة، ويختفون فجأة، وأنت لا تدري لماذا ظهروا ؟! ولماذا اختفوا ؟! .. لكن الموضوع أبعد ما يكون عن الصدفة .. وليس أكبر درس ستخرج به أكيد أن الناس (أندال) وألا تثق في أحد .. وإنما هناك حِكَم أكبر من هذا الأمر كثيرًا.. هناك حكمة وجدت مرتين .. مرة وجودهم ومرة رحيلهم .. بوجودهم تغيرت بك بعض الأمور والصفات.. وبرحيلهم تغيرت فيك أمورًا أخرى أيضًا.. وبالتالي فإن قبل و بعد لا يمكن أن يأتي بسهولة.. ومن ثم فإن أفضل نسخة لك لن تعرفها سوى بهذا الأمر.. ولتعلم يقينًا أن رسائل الله عز وجل يرسلها لك من خلال مواقف وأشخاص وفقد وعطاء .. وبالتأكيد لن ينزل لك وحيًا من السماء لكي يعلمك !.
أسئلة هامة
اعلم عزيزي المسلم، أن العديد من الأسئلة ترسل لك من خلال هؤلاء الناس الذين يظهرون فجأة ويختفون فجأة، ربما تبكي على فراقهم .. لكن لابد أن تحاول كيف تستوعب الرسالة .. اخرج بعيدًا عن دائرتهم واملأ قلبك وعقلك بأن هناك حكيم خبير رحيم قاهر مسيطر على كل التفاصيل ويعلم السر وأخفى لك ولهم..
ولتعلم أن ربًا عظيمًا بهذه المواصفات لابد أن يدبر لك و يدبر لهم .. إذن توجع وأنت مطمئن .. قال تعالى: (وَهُوَ الْقَاهِرُ فَوْقَ عِبَادِهِ وَهُوَ الْحَكِيمُ الْخَبِيرُ )، لكن هذا القاهر دائمًا ما يرسل لنا من يحفظنا، نعم يحفظنا، ثم يرحل، ينهي دوره ويرحل، وهكذا هي الحياة، قال تعالى يوضح ذلك: « وهو القاهر فوق عباده ويرسل عليكم حفظة حتى إذا جاء أحدكم الموت توفته رسلنا وهم لا يفرطون ثم ردوا إلى الله مولاهم الحق ألا له الحكم وهو أسرع الحاسبين» (الأنعام ).
اقرأ أيضا:
رسالة إلى من يدعون الفقر حتى "يخذوا العين".. احذروا قلة البركةالمعاملة هي الأهم
على كل مسلم، أن يعي تمامًا أن المعاملة هي الأهم، وهي التي تدوم، فالكلمة الطيبة تدوم لعمر مديد، حتى لو اختفى الناس من حولك، سيتذكرونك بالكلمة الطيبة، والعكس صحيح، فأنت ترى الإعراض عن الآخرين يسمى: «عدم النزول لمستوى دون المستوى»، وهم بذلك يخالفون قول الله تعالى: « وَلَا تُصَعِّرْ خَدَّكَ لِلنَّاسِ وَلَا تَمْشِ فِي الْأَرْضِ مَرَحًا إِنَّ اللَّهَ لَا يُحِبُّ كُلَّ مُخْتَالٍ فَخُورٍ » (لقمان: 18).
فلتكن أهدى الناس في معاملة الناس، يتذكرك الناس، بينما إن جرت على حقوق الناس، ظل يتذكرونك نعم، لكن بأسوأ السير، فاحذر عزيزي المسلم، وكن على يقين أنك لو كنت فظًا لا يمكن أن يلتف حولك الناس، وستراهم يختارون الرحيل فجأة.
قال تعالى لنبيه الأكرم صلى الله عليه وسلم: «فَبِمَا رَحْمَةٍ مِنَ اللَّهِ لِنْتَ لَهُمْ وَلَوْ كُنْتَ فَظًّا غَلِيظَ الْقَلْبِ لَانْفَضُّوا مِنْ حَوْلِكَ فَاعْفُ عَنْهُمْ وَاسْتَغْفِرْ لَهُمْ وَشَاوِرْهُمْ فِي الْأَمْرِ فَإِذَا عَزَمْتَ فَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُتَوَكِّلِينَ » (آل عمران: 159).