العاقل إذا رزقه الله ود امرئ مسلم صحيح الوداد محافظ عليه أن يتمسك به ثم يوطّن نفسه على صلته، وعلى الإقبال عليه إن صد عنه وعلى البذل له إن حرمه وعلى الدنو منه إن باعده حتى كأنه ركن من أركانه وإن من أعظم عيب المرء تلونه في الوداد.
فالعاقل كما يقول الإمام أبو حاتم الدرامي : لا يصادق المتلون ولا يؤاخي المتقلب ولا يظهر من الوداد إلا مثل ما يضمر ولا يضمر إلا فوق ما يظهر ولا يكون في النوائب عند القيام بها إلا ككونه قبل إحداثها والدخول فيها لأنه لا يحمد من الإخاء ما لم يكن كذلك.
آداب ومواعظ:
1-قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: لا خير في صحبة من لا يرى لك من الحق مثل ما ترى له.
2- وذكر الأصمعي عن رجل من الأعراب قال :" من أعجز الناس من قصر عن طلب الإخوان وأعجز منه من ظفر بذلك منهم فأضاع مودتهم وإنما يحسن الاختيار لغيره من أحسن الاختيار لنفسه".
3- وفي أخبار الأولين قال سليمان بن داود لابنه: يا بني عليك بالحبيب الأول فإن الآخر لا يعدله.
4- وكان أعرابي بالكوفة وكان له صديق وكان يظهر له مودة ونصيحة فاتخذه الأعرابي من عدده للشدائد إذ حزب الأعرابي أمر فأتاه فوجده بعيدا مما كان يظهر للأعرابي فأنشأ يقول:
إذا كان ود المرء ليس بزائد.. على مرحبا أو كيف أنت وحالكا
ولم يك إلا كاشرا أو محدثا .. فأف لود ليس إلا كذلكا
لسانك معسول ونفسك بشة .. وعند الثريا من صديقك مالكا
5- وقال عروة بن الزبير: مكتوب في الحكمة أحبب خليلك وخليل أبيك.
6- ومن أعظم الأمارات على معرفة صحة الوداد وسقمه ملاحظة العين إذا لحظت فإنها لا تكاد تبدي إلا ما يضمر القلب من الود ولا يكاد يخفى ما يجنه الضمير من الصد فالعاقل يعتبر الود بقلبه وعين أخيه ويجعل له بينهما مسلكا لا يرده عن معرفة صحته شيء تخيله.
اقرأ أيضا:
هل القلوب تصدأ .. وما الفرق بين "الران" و" الطبع" على القلب؟