يتوالى الهجوم على السنة النبوية بين كل فترة وفترة يبثه أعداء الدين وللأس يتأثر بهذه الشبهات بعض المسلمين ضعيفي الثقافة قليلي الإيمان.
تعريف السنة:
والسنة كما عرفها علماء الأصول : كل ما صدر عن النبي صلى الله عليه وسلم غير القرآن الكريم، من قول، أو فعل، أو تقرير، مما يصلح أن يكون دليلاً لحكم شرعي..
وبهذا كانت السنة مصدرا للتشريع أو يبعرن عن بجية السنة فالسنة لا يمكن أبدا الاستغناء عنها والاعتماد على القرآن كما يدعو البعض ممن يعرفون بالقرآنيين وقد ذم الرسول هؤلاء منذ القدم ففي الحديث: "يوشِكُ أنْ يقعُدَ الرجلُ مُتَّكِئًا على أَرِيكَتِهِ ، يُحَدَّثُ بحديثٍ مِنْ حديثي ، فيقولُ : بينَنَا وبينَكُمْ كتابُ اللهِ ، فما وجدْنا فيه مِنْ حلالٍ اسْتَحْلَلْناهُ ، وما وجدَنا فيه مِنْ حرامٍ حرَّمْناهُ ، ألَا وإِنَّ ما حرَّمَ رسولُ اللهِ مثلَ ما حرَّمَ اللهُ ".
وظائف السنة النبوية:
وبعد معرفة السنة وحجيتها في إثبات الأحكام الشرعية بقي أن نبين منزلة السنة من القرآن الكريم أو ما يعرف بوظائف السنة النبوية، والسنة لها وظائف كثيرة منها أن مهمة الرسول صلى الله عليه وسلم الأساسية التبليغ والبيان، يقول عز من قائل: ﴿ يَا أَيُّهَا الرَّسُولُ بَلِّغْ مَا أُنْزِلَ إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ وَإِنْ لَمْ تَفْعَلْ فَمَا بَلَّغْتَ رِسَالَتَهُ وَاللَّهُ يَعْصِمُكَ مِنَ النَّاسِ إِنَّ اللَّهَ لا يَهْدِي الْقَوْمَ الْكَافِرِينَ ﴾، ويقول جل جلاله عن المهمة الأخرى لرسوله: ﴿وَأَنزَلْنَا إِلَيْكَ الذِّكْرَ لِتُبَيِّنَ لِلنَّاسِ مَا نُزِّلَ إِلَيْهِمْ وَلَعَلَّهُمْ يَتَفَكَّرُونَ﴾.. ومن وظائف السنة التي قرره علماء أصول الفقه أنها تبين القرآن الكريم وتوضح معانيه فالقرآن يذكر الأشياء مجملة فمثلا ذكر القرآن أركان الإيمان دعا للعبادات والسؤال ما هي أركان الإيمان وما هي أركان الإسلام فتأتي سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم تبين فيأتي حديث الرسول يبين ذلك في حديث جبريل الذي رواه عمر بن الخطاب رضي الله عنه قال: "بينما نحن جلوس عند رسول الله صلى الله عليه وسلم إذ دخل علينا رجل شديد بياض الثياب، شديد سواد الشعر، لا يرى عليه أثر السفر ولا يعرفه منا أحد، فجاء وأسند ركبتيه إلى ركبتيه ووضع يديه على فخذيه ثم قال: يا محمد أخبرني عن الإيمان؛ فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم، الإيمان: أن تؤمن بالله وملائكته وكتبه ورسله وباليوم الآخر وبالقدر خيره وشره. فقال: صدقت، فعجبنا له يسأله ويصدقه... الحديث.
كما أن من وظائف السنة أنها تفصل ما أجمله القرآن من أحكام فالقرآن حين يذكر الأحكام مجملة من مثل قوله تعالى: ﴿ وَأَقِيمُوا الصَّلاةَ وَآتُوا الزَّكَاةَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ ﴾، تأتي السنة تفصل هذا: "إذا قمت إلى الصلاة فكبر ثم اقرأ ما تيسر معك من القرآن، ثم اركع حتى تطمئن راكعاً، ثم ارفع حتى تعتدل قائماً، ثم اسجد حتى تطمئن ساجداً، ثم ارفع حتى تطمئن جالساً، ثم افعل ذلك في صلاتك كلها".
ومن وظائف السنة أيضا أنها تخصص ما ذكره القرآن عامًا ففي قوله تعالى: ﴿ يُوصِيكُمُ اللَّهُ فِي أَوْلادِكُمْ لِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الْأُنْثَيَيْنِ ﴾ جاء الحكم بأن الأولاد جميعاً يرثون من آبائهم وأمهاتهم، ولكن السنة النبوية خصصت هذا العموم (لا يتوارث أهل ملتين ولا يرث مسلم كافراً، ولا كافر مسلماً) وغير ذلك من الأحكام.
أيضا السنة تقيد ما أطلقه القرآن؛ ففي قوله تعالى: ﴿ وَالسَّارِقُ وَالسَّارِقَةُ فَاقْطَعُوا أَيْدِيَهُمَا جَزَاءً بِمَا كَسَبَا نَكَالاً مِنَ اللَّهِ وَاللَّهُ عَزِيزٌ حَكِيمٌ ﴾، وهنا تأتي السنة تقيد المطلق وتبين أن اليد جاءت مطلقة، واليد في اللغة تطلق على الطرف العلوي من الأصابع إلى الكتف، فجاءت السنة النبوية القولية والفعلية بتقييد هذا الإطلاق فحددت اليد باليمنى والقطع من الرسغ.
هل تختص السنة بتشريع؟
ومن وظائف السنة أيضا أنها تختص بتشريع بعض الأحكام وهذا لا إشكال ففي القرآن قوله تعالى: ﴿ وَمَا آتَاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَمَا نَهَاكُمْ عَنْهُ فَانْتَهُوا ﴾، وفي الحديث قول الرسول الله صلى الله عليه وسلم: "ألا إني أوتيت القرآن ومثله معه"، ومن ثم وجب الأخذ بما شرعه رسول الله صلى الله عليه وسلم، ومن أمثلة ذلك قول رسول الله صلى الله عليه وسلم عن الذهب والحرير حيث أخذ الذهب بيمينه والحرير بشماله وقال: "إن هذين حرام على ذكور أمتي حل لإناثها".