"العصا البيضاء" التي يعتمد عليها الكثير من المكفوفين حول العالم في تنقلاتهم لم يطرأ عليها أي تحديث خلال قرن من الزمان، لكن الباحثين كشفوا أخيرًا عن نسخة أكثر تطورًا، من خلال تصنيع "عصا آلية" تتمتع بالعديد من المميزات غير المسبوقة.

والعصا الآلية – كما ظهر في النموذج الأولي لها – مزودة بكاميرا ملونة ثلاثية الأبعاد وأجهزة استشعار وجهاز كمبيوتر "داخلي" مصمم لإرشاد المستخدم إلى الموقع المطلوب، وتجنب أي عوائق على طول الطريق.

غير أنه لا تزال هناك مشكلات يجب حلها قبل أن تصبح العصا الآلية جاهزة للاستخدام بالفعل، وفقًا للباحث الرئيسي كانح يي، الأستاذ في كلية الهندسة بجامعة فرجينيا كومنولث الأمريكية.

إذ يجب أن يكون الجهاز خفيفًا بدرجة كافية، على سبيل المثال، ليكون سهل الاستخدام. وبمجرد تنقيح التفاصيل الفنية، ستواجه العصا الاختبار النهائي: القبول بين الأشخاص ذوي الإعاقات البصرية، بحسب ما نقلت وكالة "يو بي آي".

وأشار "يي" إلى أن الأمل يكمن في تسهيل تنقل الأشخاص المعاقين بصريًا في المساحات الداخلية الكبيرة غير المألوفة، الأمر الذي قد يمثل تحديًا كافيًا للأشخاص غير المبصرين.

في الوقت الحالي، يمكن للأشخاص الذين يستخدمون العصا البيضاء استخدام التكنولوجيا بطرق معينة، وفقًا لـ "يي"، إذ أن هناك تطبيقات تعتمد على الهاتف تساعد في التنقل في الهواء الطلق، على سبيل المثال، لكن المواقع الداخلية الكبيرة هي مسألة أخرى.

في الإصدارات السابقة من تلك العصا، حاول الباحثون معالجة مشكلة التنقل الداخلي من خلال دمج مخططات المبنى. ويمكن للمستخدمين إخبار العصا بالمكان الذي يريدون الذهاب إليه، ويمكن أن تساعد العصا - عبر الإشارات الصوتية وطرف الأسطوانة الآلية في إرشادهم إلى وجهتهم.

اظهار أخبار متعلقة

مشاكل أقل عند الحركة 

لكن، قال "يي"، من الصعب على شخص أعمى، على سبيل المثال، القيام بدور دقيق تمامًا. وعلى مسافة طويلة، قد تتراكم أخطاء قليلة وتترك المستخدم في النهاية في الموقع الخطأ.

وتسعى العصا الآلية إلى معالجة بعض أوجه القصور. إذ أضاف الباحثون كاميرا صغيرة ذات عمق لوني لا ترى فقط ميزات مثل المداخل والسلالم والعقبات التي يحتمل أن تكون خطرة مثل البروزات، ولكنها تحدد أيضًا مدى بُعدهم.

باستخدام هذه المعلومات، جنبًا إلى جنب مع البيانات من جهاز استشعار خاص، يمكن لجهاز الكمبيوتر الموجود على اللوحة أن يوجه المستخدم بدقة، وينبهه إلى العوائق على طول الطريق.

قال "يي": "يمكنك أن تنظر إلى هذا على أنه مزيج من كلب إرشاد آلي وعصا".

الدكتور مايكل شيانج هو مدير المعهد الوطني الأمريكي للعيون، الذي ساعد في تمويل البحث قال: "لم يكن لدينا مطلقًا الكثير من التكنولوجيا المتاحة، وهذا البحث هو مثال على المكان الذي يمكننا فيه مطابقة حاجة الإنسان مع العلم والتكنولوجيا".

وأضاف أنه من المهم ألا تهدف الدراسات إلى علاج الأمراض فحسب، بل تبحث أيضًا في طرق "دعم الشخص بأكمله".

وتابع: "نحن نعيش في عالم بصري للغاية. القيادة، والقراءة، والتنقل - كلها تعتمد على الإشارات المرئية. إذا كنت لا تستطيع الرؤية جيدًا، فمن الصعب استخدام العديد من الأجهزة التي تجعلنا نتجول في هذا العالم".

اظهار أخبار متعلقة

الحركة داخل الأماكن المغلقة

وأوضح أن البحث يدور حول "توسيع الفرص للأشخاص ضعاف البصر. لا توجد طريقة للتنبؤ عندما تكون العصا الآلية متاحة تجاريًا. أحد التحديات هو تحويل إثبات المفهوم إلى منتج حقيقي".

وأشار إلى أنه في نهاية المطاف، يجب أن تتم الموافقة على أي منتج من قبل إدارة الغذاء والدواء الأمريكية كجهاز طبي.

وفقًا لـ "يي"، يجب أن تكون المكونات الإلكترونية للعصا الآلية متينة. من المحتمل أن يتآكل طرف الأسطوانة، لكنه قال إنه يمكن استبداله دون الحاجة إلى جهاز جديد بالكامل.

تتضمن بعض المشكلات الآن تحسين العصا للعمل بشكل جيد في الأماكن المغلقة مع وجود الكثير من الأشخاص الذين يتجولون في أماكن مثل المطارات ومحطات مترو الأنفاق، نظرًا لأن كل هذه الحركة يمكن أن تتداخل مع النظام.

قال "يي" إنه بمجرد توفر مثل هذا الجيل التالي من الأجهزة، "سيكون جاهزًا للاختبار للقبول في مجتمع ضعاف البصر".