يقول المولى عز وجل في كتابه الكريم: «عَسَى اللَّهُ أَن يَأْتِيَنِي بِهِمْ جَمِيعًا ۚ »، فإن يكون لديك هذا اليقين العظيم في الله عز وجل، فاعلم أن كل شيء ضاع منك أو فقدته، وكل شيء كان غيابه سببًا لوجعك وألمك.. لاشك سيعود مجددًا، وسترجع في أحسن صورة لها وأنسب وضع لك.. لكن بشرط أن تكون متأكدًا أن غيابها ليس الحكمة منه الألم، بقدر ما حكمته أنك تتشكل أنت أيضًا في أحسن صورة لاستقبال كل فقد في صورته الجديدة !
عزيزي المسلم، كن واثقًا أنك يتم تجهيزك .. وأن الشئ الذي فقدته يتم تجهيزه لك .. وأن الوقت الذي يحتاجه إنما ليكون كل شيء فيه صحيحا وجيدًا، ولكن هذا الوقت إنما لاسترجاع المفقود بصورته الجديدة .
تعلم من الفقد
لكن في نفس الوقت عزيزي المسلم، لو لم يتم تجهيزك ولو لم تعلم من الفقد .. واختزلت الأمر في حسرة وتعلُق وانتظار وفقط .. فللأسف إياك أن تتوقع أنك تسترجع أي شيء، لأن هذا قانون الله في خلقه، قال تعالى يوضح لك: ( إِنَّ اللّهَ لاَ يُغَيِّرُ مَا بِقَوْمٍ حَتَّى يُغَيِّرُواْ مَا بِأَنْفُسِهِمْ).؟
الفقد مؤلم .. لكن الصبر عليه لن يعيد لك أي شيء إلا بقرار منك بتقبل التغيير .. ومن بعده .. ستأتي البصيرة التي ستجعلك تتعرف جيدًا على هذا الفقد الذي فقدته في صورته الجديدة .. وهذا لاشك طريق الطمأنينة و سلام قلبك وروحك والتصالح مع الحياة ومتغيراتها .. لكن فقط كن على يقين واسأل الله الثبات: ( عَسَى اللَّهُ أَن يَأْتِيَنِي بِهِمْ جَمِيعًا ۚ ).
اقرأ أيضا:
رسالة إلى من يدعون الفقر حتى "يخذوا العين".. احذروا قلة البركةمواجهة البلاء
على المسلم، أن يتعلم كيف يواجه ابتلاءات الله، وهي بطريقة واحدة بالصبر، قال تعالى: «قَالَ الَّذِي عِندَهُ عِلْمٌ مِّنَ الْكِتَابِ أَنَا آتِيكَ بِهِ قَبْلَ أَن يَرْتَدَّ إِلَيْكَ طَرْفُكَ ۚ فَلَمَّا رَآهُ مُسْتَقِرًّا عِندَهُ قَالَ هَٰذَا مِن فَضْلِ رَبِّي لِيَبْلُوَنِي أَأَشْكُرُ أَمْ أَكْفُرُ ۖ وَمَن شَكَرَ فَإِنَّمَا يَشْكُرُ لِنَفْسِهِ ۖ وَمَن كَفَرَ فَإِنَّ رَبِّي غَنِيٌّ كَرِيمٌ »(النمل 40).
من لم يصبر فقد رضا الله، ولم ينل ما فقده أبدًا، لأن الأمر بالأساس كله بيد الله عز وجل، بينما لو كان الإنسان مسلمًا موقنًا في الله ما كان غضب أبدًا من أي فقد.
عن أبي يحيى صهيب بن سنان رضي الله عنه، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «عجباً لأمر المؤمن، إن أمره كله له خير، وليس ذلك لأحد إلا للمؤمن، إن أصابته سراء شكر فكان خيراً له، وإن أصابته ضراء صبر فكان خيراً له».