البعض يخشى مواجهة الناس، وقد يصل الأمر حد الرعب من هذه المواجهات، لكن من يعلم الإسلام جل المعرفة، لا يمكن له أن يخشى أي شيء مادام الله معه.
السيدة مريم عليها السلام، تقول: «فَأَجَاءَهَا الْمَخَاضُ إِلَىٰ جِذْعِ النَّخْلَةِ قَالَتْ يَا لَيْتَنِي مِتُّ قَبْلَ هَٰذَا وَكُنتُ نَسْيًا مَّنسِيًّا» (مريم 23)، تمنت الموت، ليس هذا فحسب، بل أن تختفي من الذاكرة، وذلك من كثرة الرعب من مواجهة الناس، لكن كما قلنا من كان الله معه لا يخشى شيئًا، وجاءها الرد من المولى عز وجل مريحًا ومطئمنًا: «فَكُلِي وَاشْرَبِي وَقَرِّي عَيْنًا ۖ فَإِمَّا تَرَيِنَّ مِنَ الْبَشَرِ أَحَدًا فَقُولِي إِنِّي نَذَرْتُ لِلرَّحْمَٰنِ صَوْمًا فَلَنْ أُكَلِّمَ الْيَوْمَ إِنسِيًّا» (مريم 26).
عظمة الاطمئنان
هنا تصور عظمة الاطمئنان حينما تأتي من الواهب المنان، سبحانه وتعالى، فالله عز وجل لم يقل لها (استغفريني)، ولا أنتِ تعارضين قدري، ولا أن هناك غيرك ظروفه أسوأ منك.. أبدًا، طمأنها وفقط، ومنحها كامل الأمان، حتى يعلمنا كيف نتعامل مع الوجع بهذه الروح، وكيف نحس ونشعر بأوجاع غيرنا ونخفف ونهون عنهم بدلاً من أن نستمر في التنظير والشرح وفقط، دون أي إحساس بالواقع.
فلو كنت مرعوبًا من مواجهة الناس، عليك أن تلتقط أنفاسك قليلاً، وتتذكر الله عز وجل، وتلجأ إليه وكلك ثقة ويقين أنه لن يضيعك أبدًا، مؤكد وبلا أي شك ستكون النتيجة فوق كل تصوراتك، لأن من سيمنحك الرد والنتيجة هو رب الألباب بذاته العليا، إذ أنه من غير الله أعظم من أن يجبر بخاطر عباده، مؤكد لا أحد، فقط نحتاج ليقين فيه سبحانه وسنجد العجب العجاب.
اقرأ أيضا:
رسالة إلى من يدعون الفقر حتى "يخذوا العين".. احذروا قلة البركةأحب الأعمال
أو تدري عزيزي المسلم، أن أحب الأعمال إلى الله عز وجل، هو سرور تدخله على قلب امرئ مسلم، فكيف بك أن ترفع عنه وجعه وألمه، وأن تمنحه بعضًا من الطمأنينة والأمل؟.. مؤكد أن ذلك عند الله عز وجل له أجر عظيم، ولمّ لا وهو الذي ويجبر خاطر المؤمنين في أحلك الظروف في أعقاب غزوة أحد فيقول تعالى: « وَلَا تَهِنُوا وَلَا تَحْزَنُوا وَأَنْتُمُ الْأَعْلَوْنَ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ » (آل عمران: 139).
وفي ذلك يقول النبي الأكرم صلى الله عليه وسلم مبينًا الطريق إلي جبر الخواطر وجزائه عند الله: « أحبُّ الناسِ إلى اللهِ أنْفَعُهُمْ لِلنَّاسِ، و أحبُّ الأعمالِ إلى اللهِ عزَّ وجلَّ سُرُورٌ يدْخِلُهُ على مسلمٍ، أوْ يكْشِفُ عنهُ كُرْبَةً، أوْ يقْضِي عنهُ دَيْنًا، أوْ يطْرُدُ عنهُ جُوعًا».