يروي أحدهم، أنه بعد الانتهاء من دفن أحد الأموات، نادى أحد أقاربه على الحاضرين: (أيها الناس.. سامحوا أبو فلان .. و أى شخص له أي حق عنده أنا وأخواتى متكفلين به).

وفجأة خرج من بين الحاضرين أحد الشباب وأطلق قذيفة أسكتت الحاضرين، إذ قال بصوت مرتجف : (إن هذا المتوفي هو خالي وقد أكل حق أمي .. وجعل جدي يحرمها من الميراث .. وأنا وأخواتى نريد حق أمى .. وإلا فلن نسامحه)، هنا قاطعه وجهاء العائلة الكريمة وكبار السن .. (أصمت يا ولد هذا ليس وقته.. وهذه قلة أدب منك).

حق الله

والحقيقة التي نداريها جميعًا ما العيب في ذلك؟.. ما العيب في أن يطالب بحق أمه في الميراث، أليس هذا شرع الله عز وجل؟.


ميراث الأنثى، حق الله، فكيف يكون هذا الرجل من كبار السن، ومن رواد المساجد، ويتعمد إضاعة حقوق الناس، وخصوصًا أقرب الناس إليه، وهي أخته، التي منحها الله عز وجل حق الميراث، وكيف للناس أن يتركوا هذا الرجل ينزل لقبره دون أن يردوا حقوق الناس؟.

أحد العلماء يقول: إنه لو كان للإنسان عودة ولو لثانية واحدة إلى الحياة، لطالب بإعادة أي حقوق للناس ثم يموت من فوره، لأن الله قد يسامحه على أي شيء إلا حقوق العباد، فما بالك بحق الميراث الذي قدره وأقره الله عز وجل، فقد نص القرآن على مبدأ توريث الإناث كطرف مقابل للذكور، بصرف النظر عن حجم التركة.

يقول تعالى: « لِلرِّجَالِ نَصِيبٌ مِمَّا تَرَكَ الْوَالِدَانِ وَالْأَقْرَبُونَ وَلِلنِّسَاءِ نَصِيبٌ مِمَّا تَرَكَ الْوَالِدَانِ وَالْأَقْرَبُونَ مِمَّا قَلَّ مِنْهُ أَوْ كَثُرَ نَصِيبًا مَفْرُوضًا » (النساء: 7).

اقرأ أيضا:

علاج الأمراض بالأذكار.. فطرة سوية أم دروشة صوفية؟

القرآن والمواريث 

أيها الناس عودوا إلى القرآن ليفصل بينكم في المواريث، فالأمر جلل، ومسكين هذا الرجل الذي أكل حقوق شقيقاته بدعوى الجاهلية.

فقد نص القرآن الكريم على المساواة في الميراث بين الذكر والأنثى في حالات: قال تعالى: « وَإِنْ كَانَ رَجُلٌ يُورَثُ كَلَالَةً أَوِ امْرَأَةٌ وَلَهُ أَخٌ أَوْ أُخْتٌ فَلِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا السُّدُسُ فَإِنْ كَانُوا أَكْثَرَ مِنْ ذَلِكَ فَهُمْ شُرَكَاءُ فِي الثُّلُثِ مِنْ بَعْدِ وَصِيَّةٍ يُوصَى بِهَا أَوْ دَيْنٍ غَيْرَ مُضَارٍّ وَصِيَّةً مِنَ اللَّهِ وَاللَّهُ عَلِيمٌ حَلِيمٌ » (النساء: 12).

بينما نص القرآن على جعل نصيب الذكَر ضعف نصيب الأنثى في حالات: قال تعالى: « يُوصِيكُمُ اللَّهُ فِي أَوْلَادِكُمْ لِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الْأُنْثَيَيْنِ » (النساء: 11)، فقد أبطل الإسلام قاعدة عدم ورث الإناث التي كانت موجودة في الجاهلية، فأصبحت البنات يرثن في أبيهن المتوفى، سواء ترك أبناءً ذكورًا أم لا، وترث الأم في ابنها المتوفى مع أبيه إن كان لا يزال على قيد الحياة، أو بدون أبيه إن كان قد توفي، وترث الزوجة زوجها المتوفى كما يرث الزوج في زوجته المتوفاة.