بين حسن النية وغياب الدليل..مخالفات يقع فيها بعض الناس في شهر رجب
بقلم |
فريق التحرير |
الثلاثاء 23 ديسمبر 2025 - 08:30 م
يُقبل كثير من الناس مع دخول شهر رجب على ممارسات وعبادات يظنون أنها من القُربات الخاصة بهذا الشهر، بدافع تعظيم الأزمنة الفاضلة، غير أن بعض هذه الممارسات تفتقر إلى الدليل الشرعي الصحيح، وقد حذّر العلماء من الوقوع فيها حتى لا تتحول العبادة إلى بدعة تُردّ على صاحبها بدل أن تُقبل منه.
أولًا: تخصيص رجب بعبادات لم تثبت
من أكثر المخالفات شيوعًا تخصيص شهر رجب بعبادات معينة دون سند صحيح، كصيام أيام محددة على أنها سنة خاصة برجب، أو الإكثار من عبادات مخصوصة بزعم أن لها فضلًا خاصًا في هذا الشهر، بينما لم يثبت في فضل صيام رجب أو قيامه حديث صحيح يُخصصه بذلك عن غيره من الشهور.
يعتقد بعض الناس أن ليلة السابع والعشرين من رجب هي ليلة الإسراء والمعراج على وجه القطع، فيخصونها بصلاة أو دعاء أو احتفال معين، مع أن تحديد هذه الليلة محل خلاف بين العلماء، ولم يثبت عن النبي ﷺ ولا عن صحابته رضي الله عنهم أنهم خصّوا هذه الليلة بعبادة أو احتفال.
ثالثًا: تداول الأحاديث الضعيفة والموضوعة
ينتشر في شهر رجب تداول واسع لأحاديث تُنسب إلى النبي ﷺ في فضل هذا الشهر، وهي في حقيقتها ضعيفة أو موضوعة، مثل بعض الأحاديث التي تصف رجب بأنه "شهر الله" أو تعد بمغفرة خاصة بمجرد دخوله، مما يوجب على المسلم التحري قبل النشر والعمل.
رابعًا: الغلو في تعظيم الشهر
من المخالفات أيضًا الغلو في تعظيم شهر رجب بطريقة تخرجه عن المنهج الشرعي الصحيح، كاعتقاد أن الذنوب فيه أعظم من غيره، أو أن الحسنات تُضاعف فيه على وجه خاص دون دليل، بينما الأصل أن التعظيم يكون بما شرعه الله، لا بما استحسنه الناس.
خامسًا: إهمال الفرائض والوقوع في المحرمات
ومن المفارقات المؤسفة أن بعض الناس ينشغلون بممارسات لا أصل لها، في الوقت الذي يقعون فيه في مخالفات شرعية واضحة؛ كتضييع الصلاة، أو أكل الحرام، أو الظلم، ظانين أن بعض الطقوس الموسمية تكفّر عنهم ذلك، وهو فهم خاطئ لحقيقة الدين.
الموقف الشرعي الصحيح
إن شهر رجب كغيره من الأشهر الحرم له مكانته، لكن تعظيمه يكون بالالتزام بما ثبت عن النبي ﷺ، من المحافظة على الفرائض، والإكثار من الطاعات المشروعة دون تخصيص، والبعد عن البدع والمحدثات. وقد قال النبي ﷺ: «من أحدث في أمرنا هذا ما ليس منه فهو رد».
وأخيرا فإن إن العبادة المقبولة هي ما كانت خالصة لله، وموافقة لهدي النبي ﷺ. وشهر رجب فرصة لمراجعة النفس وتصحيح المسار، لا للوقوع في مخالفات تُلبس على الناس دينهم. فخير الهدي هدي محمد ﷺ، وشر الأمور محدثاتها، وكل بدعة ضلالة.