يسعى كل مسلم ومؤمن بالله تعالى إلى تحصيل رضا الله، وحفظ النعمة التي لا تعد ولا تحصى عليه مثل الصحة والمال والولد الصالح، من الزوال، ويتلمس الطرق التي تقربه من ربه وتبعده عن سخطه وعقوبته، فأكثر ما يضيع النعمة هو المعصية والتمرد وعدم طاعة الله، وجحود نعمته عز وجل.
يقول رسول الله صلى الله عليه وسلم: «إن الله يرضى لكم ويكره لكم ثلاثاً: فيرضى لكم أن تعبدوه، ولا تشركوا به شيئاً، وأن تعتصموا بحبل الله جميعاً ولا تفرقوا، ويكره لكم: قيل وقال، وكثرة السؤال، وإضاعة المال» (رواه مسلم) .
وضياع النعمة والمال ونعمة الولد الصالح، والزوجة الصالحة دائما ما يكون السبب فيه التمرد على هذه النعم الربانية، وعدم تأدية حقها ومستحقها، فحقها هو خروج زكاتها وحق الفقراء فيها، ومستحقها هو الشكر والحمد لله صاحب هذه النعمة ومانحها لنا ومسببها، لذلك كان النبي صلى الله عليه وسلم يحمد الله ويشكره على الطعام وعلى الصحة ووكان لسانه ينطلق بالحمد في كل شيئ.
اظهار أخبار متعلقة
الحمد والشكر لله
وروى مسلم عن أنس بن مالك رضي الله عنهما قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: إن الله ليرضى عن العبد أن يأكل الأكلة فيحمده عليها، أو يشرب الشربة فيحمده عليها.
وروى البخاري عن أبي أمامة أن النبي صلى الله عليه وسلم كان إذا فرغ من طعامه - وقال مرة إذا رفع مائدته - قال: الحمد لله الذي كفانا وأروانا غير مكفي ولا مكفور، وقال مرة: الحمد لله ربنا غير مكفي ولا مودع ولا مستغنى ربنا.
وروى مسلم عن جابر قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: إذا وقعت لقمة أحدكم، فليأخذها فليُمط ما كان بها من أذًى، وليأكلها ولا يدعها للشيطان، ولا يمسح يده بالمنديل حتى يلعق أصابعه، فإنه لا يدري في أي طعامه البركة.
وروى الترمذي وقال: حسن صحيح، عن ابن عباس أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: البركة تنزل وسط الطعام، فكُلوا من حافتيه ولا تأكلوا من وسطه.
دعاء حفظ النعم
ومن أفضل الأدعية، أن يشكر العبد ربه بين كل وقت وآخر سواء كان هذا الشكر على أمر ابتلي به أو على نعمة منحها الله له، فشكر الله يكون في كل الأحوال.
يقول الله تعالى :" وَإِذْ تَأَذَّنَ رَبُّكُمْ لَئِن شَكَرْتُمْ لَأَزِيدَنَّكُمْ ۖ وَلَئِن كَفَرْتُمْ إِنَّ عَذَابِي لَشَدِيدٌ".
ومن أفضل ما تدعو به لحفظ النعمة:
«اللَّهُمَّ إِنِّي أَعُوذُ بِكَ مِنْ زَوَالِ نِعْمَتِكَ وَتَحَوُّلِ عَافِيَتِكَ وَفُجَاءَةِ نِقْمَتِكَ وَجَمِيعِ سَخَطِكَ».
(اللهم إني أعوذ بك من زوال نعمتك) : يستعيذ الإنسان هنا من زوال النعم التي تتواجد في حياته، وأولها نعمة الإسلام التي أنعم بها الله على أمة النبي صلى الله عليه وسلممحمد -عليه أفضل الصلاة والسلام-، لذلك فإن العبد عندما يستعيذ الله من زوال النعم وذهابها عنه، فإنه يقصد نعمة الدين الحنيف، والنعم الدنيوية الأخرى.
(وتحوُّل عافيتك) : المقصود هنا الإستعاذة من تحول الحال إلى الحال الأسوأ، بأن تذهب هذه النعم عن الإنسان أو أنه يستغلها في معصية الخالق.
(وفُجاءة نقمتك) : يدعو أن يحميه من المصائب المفاجئة.
(وجميع سخطك): يستعيذ هنا من سخط الله وغضبه.
«ربي اجعلني لك شكارًا، لك ذكارًا، لك رهابًا، لك مطاوعًا، لك مخبتًا، إليك أواهًا منبيًا، الحمد لله رب العالمين حمدًا لشُكرهِ أداءً، ولحقهِ قضاءً، ولِحُبهِ رجاءً ولفضلهِ نماءً ولثوابهِ عطاءً».
«اللهم ارضنا بقضائك وبما قسمته لنا، واجعلنا من الحامدين لك في السراء والضراء، اللهم يا من لطفه بخلقه شامل، وخيره لعبده واصل، لا تخرجني وذريتي وأهلي وأحبابي من دائرة الألطاف، وآمنا من كل ما نخاف، وكن لنا بلطفك الخفى الظاهر».
«اللهم بك ملاذي، اللهم أتوسل إليك باسمك الواحد، والفرد الصمد، وباسمك العظيم فرج عني ما أمسيت فيه، وأصبحت فيه، أجرني، أجرني، أجرني، يا الله، اللهم يا كاشف الغم والهموم، ومفرج الكرب العظيم، ويا من إذا أراد شيئًا يقول له: كُن فيكون، رباه رباه أحاطت بي الذنوب والمعاصي، فلا أجد الرحمة والعناية من غيرك، فأمدني بها».