الواجب على العاقل إذا اعتذر إليه أخوه لخطأ مضى أو لتقصير سبق أن يقبل عذره ويجعله كمن لم يذنب لأن من اعتذر إليه فلم يقبل أخاف أن لا يرد الحوض على المصطفى صلى الله عليه وسلم ومن فرط منه تقصير في سبب من الأسباب يجب عليه الاعتذار في تقصيره إلى أخيه.
حكم وفوائد:
1-يقول الإمام أبو حاتم الدارمي رحمه الله عنه: لا يجب للمرء أن يعتذر بحيلة إلى من لا يحب أن يجد له عذرا ولا يجب أن يكثر من الاعتذار إلى أخيه فإن الإكثار من الاعتذار هو السبب المؤدي إلى التهمة وإني أستحب الإقلال من الاعتذار على الأحوال كلها لعلمي أن المعاذير يعتريها الكذب وقلّ ما رأيت أحدا اعتذر إلا شاب اعتذاره بالكذب.
ومن اعترف بالزلة استحق الصفح عنها لأن ذل الاعتذار عن الزلة يوجب تسكين الغضب عنها، والمعتذر إذا كان محقا خضع في قوله وذلّ في فعله.
2-وغضب الخليفة سليمان بن عبد الملك على خالد بن عبد الله القسري.
فلما دخل عليه قال يا أمير المؤمنين: القدرة تذهب الحفيظة وأنت أكبر عن العقوبة فإن تعف فأهل ذاك أنت وإن تعاقب فأهل ذاك أنا فال فعفا عنه.
3- وقال أحد الأمراء لكاتبه ورآه كالمعرض عنه مالي أراك كالمعرض عني قال بلغني عنك شيء كرهته قال إذا لا أبالي قال ولم قال: لأنه إن كان ذنبا غفرته وإن كان باطلا لم تقبله قال فعاد إلى المؤانسة.
3- وكان يقال احتمل من جاء بدلاله عليك واقبل ممن اعتذر إليك.
4- وقال أحد الحكماء: الاعتذار يذهب الهموم ويجلي الأحزان ويدفع الحقد ويذهب الصد.
أما الإقلال منه تستغرق فيه الجنايات العظيمة والذنوب الكثيرة والإكثار منه يؤدي إلى الاتهام وسوء الرأي.
فلو لم يكن في اعتذار المرء إلى أخيه خصلة تحمد إلا نفى التعجب عن النفس في الحال لكان الواجب على العاقل أن لا يفارقه الاعتذار عند كل زلة.
اقرأ أيضا:
ابتعد عن هذا الذنب حتى لا يتبرأ منك النبي يوم القيامة