أخبار

هل يحبونك بالفعل؟ أم ماذا يستقر في ضمائرهم؟ اسأل عن سلوكك معهم

اختبر نفسك واعرف معدنك الحقيقي.. هل أنت شهم أم نذل؟

"عظمة النبوة".. كيف كان يقبّل النبي أصحابه؟

إلى أصحاب القوة.. إنما يأتي النصر بالضعفاء

كيف أحسن إلى الجار.. هذه أفضل الوسائل

هل تحتاج لأدلة عقلية على وجود الله ؟..هكذا تشهد نظريات نشأة الكون بالخالق الحكيم المدبر

بغايا يتحولن إلى عابدات.. هذه قصة توبتهن على يد لقمان الحكيم

وصايا الحكام لولاتهم.. ممن حذر عمر بن الخطاب؟

الرسل لا تقتل.. سنة نبوية بسبب رسل "مسيلمة الكذاب"

هل يحاسب الله الرسل على ما كلّفهم به يوم القيامة؟ (الشعراوي يجيب)

هل يحبونك بالفعل؟ أم ماذا يستقر في ضمائرهم؟ اسأل عن سلوكك معهم

بقلم | أنس محمد | الثلاثاء 15 اكتوبر 2024 - 02:19 م


يعتمد الكثير من الناس في بعض المناطق على عزوتهم في التعامل مع الناس، فيتعاملون من خلال ما يستمدونه من قوة المال والسلطان والمنصب، وكثرة الولد، حتى أنهم يفرضون قوتهم على جيرانهم، وبعد ذلك ليكن ما يكون، إما أن تصبح لهم الكلمة العليا في الحي أو القرية التي يسكنون بها، او تسيل الدماء حتى يدين الناس لهم بالقوة، بعدما يذيق القوي بأسه للضعيف.

الحب بقوة السلطان


ومع فرض بعض الناس سلطانهم على الحي، يبدأ القوي في وضع سطوة سياسته، على الجميع من الفقراء والمتواضعين والمهمشين والغرباء، فيفرضون على الناس حبهم بهذه القوة، حينما يضطر الناس من الجيران وأهل الحي إلى مبادلة أصحاب السلطان والقوة والعزوة، الحب بشكل مزيف نتيجة خوفهم من هؤلاء، واتقاءً لشرورهم، حتى يظن هؤلاء الظالمون أنهم محبوبون، وأنهم يبادلونهم الحب، وليس مبادلة النفاق.

إلا أنه ومع أول ريح عاصفة تعصف بهؤلاء الظالمون يجدون أهل الحي الذين كانوا يبادلونهم الحب وكأنهم كالنار في الهشيم، ويتحولون إلى خنجر في ظهورهم، بعدما كانوا يظهرون لهم من طرف اللسان حلاوة، ليفاجأ هذا الظالم بهذا الموقف الذي قد يتوقف معه لسانه وجسده عن الحركة، فيموت كمدًا بعد أن يكتشف الحقيقة متأخرًا.

القهر أشد أنواع الظلم


وتأتي هذه الحالة نتيجة انتشار القهر بين الناس، فالقهر هو أشد أنواع الظلم، حتى أن النبي صلى الله عليه وسلم استعاذ من قهر الرجال قائلا: " اللهم إنس أعوذ بك من العجز والجبن، ومن البخل والفقر ومن غلبة الدين وقهر الرجال".

فانظر أيها المسلم وتخيل أن عائلة كبيرة أحد أبنائها عضوا فاسدا في المجتمع، يتعرض للفتيات في الشوارع، ربما يتحرك من منطق قوته وعزوة أهله وأقاربه، فماذا لو تعرض لابنتك وخفت أن تدافع عن ابنتك خوفا من أن يقتلوك، وتخيل مدى حرص زوجتك حينما تخفي عنك أن أحد أفراد هذه العائلة تعرض لها وتحرش بها، وقد خافت أن تبلغك خوفا من ان تشعر بالقهر، او تندفع في التشاجر مع هذا المجرم وهذه العائلة، فتدفع الثمن من حياتك.

وتخيل أن جارا فاسدا متسلطا، احتك بك لأي سبب تافه، واندفع لضربك على وجهك، وخفت أن ترد له الصاع صاعين، حتى لا تيتم أبنائد، فنمت مقهورا تتجرع ألم الحسرة كيف سكت عن أخذ حقك من هذا الظالم، وكم من رجل مقهور مات كمدا على سريره لإحساسه بهذا القهر.

فكلنا نعيش في مجتمعات يندس بينها هذه النماذج المتسلطة، التي تفرض سطوتها بإرهاب الناس، رغم ما يقوله النبي صلى الله عليه وسلم: " من أشار لأخيه بحديدة فليتبوأ مقعده من النار".


ليس حبًا


وبعد الإحساس بهذا القهر، ومع ضرورة العمل بسد الذرائع وعدم الاحتكاك بهؤلاء الظلمين، نتعامل مع هذه النماذج ونحن نضمر لهم الكراهية، وإن شئت كل النفاق، وإنما يحدث هذا رغما عن الكثير من المستضعفين فيضطرون للعيش بين هؤلاء المتسلطين، يظهرون لهم الحب المصطنع حتى يظن هؤلاء أنهم يحبونهم.

فهل سأل أحدهم نفسه هل كان هذا الحب متبادل بين الطرفين لما ما بينهم من معروف وخير، أم كان مبنيا على النفاق والقهر.

فالمؤمن يحب الناس جميعاً؛ لأنهم إخوته في الآدمية، وشركاؤه في العبودية لله، جمع بينه وبينهم رحم ونسب، كما جمع بينهم هدف مشترك وعدو مشترك.

قال الله تعالى : {يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُواْ رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُم مِّن نَّفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالاً كَثِيرًا وَنِسَاء وَاتَّقُواْ اللَّهَ الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ وَالأَرْحَامَ} (النساء:1) .

فما أحق كلمة «الأرحام» هنا أن يراد بها الأرحام الإنسانية التي تصل بين الناس جميعاً، بدليل فاتحة الآية.

وقال تعالى: {يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّ وَعْدَ اللَّهِ حَقٌّ فَلا تَغُرَّنَّكُمُ الْحَيَاةُ الدُّنْيَا وَلا يَغُرَّنَّكُم بِاللَّهِ الْغَرُورُ * إِنَّ الشَّيْطَانَ لَكُمْ عَدُوٌّ فَاتَّخِذُوهُ عَدُوًّا} (فاطر:5، 6) .

فالحب الحقيقي هو الأقوى، واحترام الناس هو الأكرم، فالحياة الآخرة الباقية والخلود في نعيمها هو الهدف الإنساني المشترك، والشيطان المعوق عنها هو العدو المشترك.

وعقيدة المسلم لا تسمح بنزعات عنصرية، ونعرات جنسية، فالمسلم يعتقد أن الناس جميعاً لآدم وآدم من تراب، وأن اختلاف اللغات والألوان ليس إلا دليلاً على قدرة الله، وعلى عظمة الصانع وآية من آياته في خلقه: (وَمِنْ آيَاتِهِ خَلْقُ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ وَاخْتِلافُ أَلْسِنَتِكُمْ وَأَلْوَانِكُمْ إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَاتٍ لِّلْعَالِمِينَ) (الروم:22) .

فشعور المسلم بأخوته لبني الإنسان جميعاً ليس أمراً ثانوياً عنده، ولا نافلة في دينه، إنما هو عقيدة يدين الله بها ويلقاه يوم القيامة ويرطب بها لسانه ذكراً لله يرجو به عند الله القربة.

روى الإمام أحمد وأبو داوود عن زيد ابن أرقم قال: «كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول في دبر كل صلاة: اللهم ربنا ورب كل شيء ومليكه أنا شهيد أنك الرب وحدك لا شريك لك، اللهم ربنا ورب كل شيء أنا شهيد أن محمداً عبدك ورسولك، اللهم ربنا ورب كل شيء أنا شهيد أن العباد كلهم اخوة».

فقد حرك الله عز وجل أن يحتقر المسلم جنساً من أجناس البشرية، وقرآنه الكريم يعلمه أن يحترم أجناس المخلوقات كلها ويعرف لها كيانها من الدواب والحشرات والطيور: {وَمَا مِن دَابَّةٍ فِي الأَرْضِ وَلاَ طَائِرٍ يَطِيرُ بِجَنَاحَيْهِ إِلاَّ أُمَمٌ أَمْثَالُكُم مَّا فَرَّطْنَا فِي الْكِتَابِ مِن شَيْءٍ ثُمَّ إِلَى رَبِّهِمْ يُحْشَرُونَ} (الأنعام:38) . ويقول النبي: «لولا أن الكلاب أمة من الأمم لأمرت بقتلها«.

هذا هو شعور المؤمن بالإسلام نحو الناس، ليس شعور الاستعلاء العنصري ولا التعصب ولا المناصب ولا الحب المصطنع والقوة الفانية، ولا الحقد الطبقي، ولا الحسد الشخصي، وإنما هو شعور الحب والإخاء للناس كافة.


الكلمات المفتاحية

القهر أشد أنواع الظلم الحب بقوة السلطان الحب والتعامل بين الناس

موضوعات ذات صلة

الأكثر قراءة

amrkhaled

amrkhaled يعتمد الكثير من الناس في بعض المناطق على عزوتهم في التعامل مع الناس، فيتعاملون من خلال ما يستمدونه من قوة المال والسلطان والمنصب، وكثرة الولد، حتى أنه