أمر الله عباده الصالحين بالإكثار من فعل الخيرات، باعتبارها بوابة ذهبية لتأمين مغفرةالله ومقدمة لجنة عرضها الأرض والسموات، أعدها للمتقين خصوصا أن الله يهدي من استهداه، ويجيب من دعاه، ويوفق لفعل الخير من تحراه، ويضاعف المثوبة لمن فعله يبتغي رضاه يتسابق الي ارضاء ربه والفوز بجوائزه
وفي هذا المقام حثنا الله –سبحانه وتعالي - في آيات كثيرة من كتابه الكريم على فعل الخيرات، والمسابقة في عمل الطاعات، والمبادرة إلى الازدياد من الحسنات، باعتبار ان اقدامهم ومسارعتهم لفعل الخيرات تبشرهم بأعلى المقامات، وترتفع بهم إلى أعلى الدرجات، والتحصل على أعظم الأجور والهبات، مصداقا لقوله تعالي: "وَسَارِعُوا إِلَى مَغْفِرَةٍ مِنْ رَبِّكُمْ وَجَنَّةٍ عَرْضُهَا السَّمَاوَاتُ وَالْأَرْضُ أُعِدَّتْ لِلْمُتَّقِينَ" "آل عمران : 133"، ويقول: "سَابِقُوا إِلَى مَغْفِرَةٍ مِنْ رَبِّكُمْ وَجَنَّةٍ عَرْضُهَا كَعَرْضِ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ أُعِدَّتْ لِلَّذِينَ آمَنُوا بِاللَّهِ وَرُسُلِهِ" "الحديد : 21"،
وفي هذا السياق مدح الله أنبياءه ورسله بقوله: "أُولَئِكَ يُسَارِعُونَ فِي الْخَيْرَاتِ وَهُمْ لَهَا سَابِقُونَ" "المؤمنون : 61"، مدحهم ربهم لأنهم يسارعون إلى فعل الخير، ويتسابقون إلى عمل الطاعة، وهمتهم عالية في السباق على ذلك، وإرادتهم مصروفة وبعيدة عن كل ما يجلب لهم البعد عن الله وعن فعل الخير،
فالأنبياء صلوات الله عليهم والسلام إذ سمعوا بخير فعلوه وسارعوا إليه، وكلما سنحت لهم فرصة في الطاعة بادروا لها وتنافسوا عليها، فبلغوا الذروة في المنافسة، ووصلوا إلى قمة السعادة بسباقهم إلى الخيرات، "أُولَئِكَ يُسَارِعُونَ فِي الْخَيْرَاتِ) "وَهُمْ لَهَا" أي: للخيرات (سَابِقُونَ)، قد شمروا عن ساعد الجد، وتباروا في السبق والمسابقة على الطاعات وتنافسوا عليها، "وَفِي في ذَلِكَ فَلْيَتَنَافَسِ الْمُتَنَافِسُونَ" المطففين .
ومن هنا نجد ان المسلمون في هذا العصر أحوج ما يكونون للمسارعة و التسابق على فعل الخيرات والازدياد منها، فميادين الأعمال الصالحة كثيرة، وسبل الخير متنوعة، والواحد منا يستطيع أن يعمل الكثير والكثير، ولكن ما ينقصنا هو التحرك والعمل والمبادرة إلى عمل هذه الصالحات.ومن هنا لا يجب ان يفوتك الخير، وحتى تكون من السباقين للخيرات، وإذا سمعت حثاً على طاعة أو زجرا عن معصية فطبق هذا في حياتك، واسع إلى تطبيقه ما استطعت إلى ذلك سبيلاً، وإياك أن تسمع بأمر تؤمر به أو نهي تنهى عنه ثم تخرج من الدنيا دون أن تطبقه في عمرك.
ومن الثابت أن النبي صلي الله عليه وضرب أروع الأمثلة في المسارعة والمبادرة إلى الخير فعن عقبة رضي الله عنه قال: «صليت وراء النبي صلى الله عليه وسلم بالمدينة فسلم ثم قام مسرعاً، فتخطى رقاب الناس إلى بعض حجر نسائه، ففزع الناس من سرعته، فخرج عليهم فرأى أنهم عجبوا من سرعته فخرج عليهم فقال ذكرت شيئاً من تبر عندنا، فكرهت أن يحبسني فأمرت بقسمته» (البخاري).
وبل أن هناك جوائز قيمة تنظر من يسارع في الخيرات في مقدمتها حسن الجزاء فالعبد إذا استجاب لداعي الخير فسارع إليه وسبق فيه فإنه يفوز من الله بمنح كريمة، وعطايا جزيلة، وأجور عظيمة لأنه بذلك يكون مستجيباً لله والرسول، وجزاؤه على ذلك الحياة الطيبة الكريمة والأمن من أن يحال بينه وبين قلبه، والعافية من المحن والنجاة من الفتن،
اقرأ أيضا:
إياك أن تضع الخل على العسل.. أخلاقك عنوانك وطريقك لمحبة للهورغم أن المسارعة إلي فعل الخير من أدنى خصال الإيمان، ولكنه هذا الفعل الطيب وقع من الله موقعاً لا يخطر له على بال، فأثابه الله عليه ثواباً لا يدور لأحد بخيال، وذلك لصدق النية واحتساب الأجر عند ذي الكرم والجلال.
وقد ورد في الصحيحين عن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «بينما رجل يمشي بطريق وجد غصن شوك على الطريق فاخره فشكره فغفر الله له». وفي رواية لمسلم قال النبي صلى الله عليه وسلم «لقد رأيت رجلاً يتقلب في الجنة في شجرة قطعها في ظهر الطريق تؤذي المسلمين».
, ولا يغيب عنا في هذا السياق أن المسارع في الخير ابتغاء وجه ربه ينال أجره وأجر من فعله لأحيائه لسنة غفل عنها الناس "من سن في الإسلام سنة حسنة فله أجرها وأجر من عمل بها من بعده من غير أن ينقص من أجورهم شيء".