الله جل في علاه، تحدى باسمه العظيم كل المخلوقات، فمن ذا الذي يستطيع إتيان ذات المعنى في جملة كبيرة.. فالمتتبع لأصل الكلمة سيجد أن حروف الله هي نفسها حروف لا إله إلا الله.. فهل يستطيع أعظم مؤلف في العالم أن يؤلف جملة من نفس حروف اسمه ويتحدث فيها عن نفسه كما تحدث الله عز وجل بجملة بليغة ووجيزة مثل لا إله إلا الله.
ولفظ الجلالة الله إنما هو علم على الذات، فهو الدال على جميع الأسماء الحسنى، والصفات العليا، ولهذا يضيف الله سبحانه وتعالى سائر الأسماء الحسنى إلى هذا الاسم العظيم، كقوله تعالى: « وَلِلَّهِ الْأَسْمَاءُ الْحُسْنَى » (الأعراف: 180)، وقوله تعالى أيضًا: « اللَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ لَهُ الْأَسْمَاءُ الْحُسْنَى » (طه: 8).
العبودية الحقة
لاشك أن اسم الجلالة (الله) يحمل في طياته اسم العبودية الحقة لجميع عباد الله، وفي ذلك تقول العرب (ألَهَ الشيء)، أي عبده وخضع له، ومن ثم فإن أصل كلمة "الله" كما قال العديد من العلماء: (الإله، أي، المعبود. وقرأ ابن عباس رضي الله عنهما: «وَيَذَرَكَ وَإِلاَهَتَكَ»، أي وعبادتك.
ولذلك قال سبحانه وتعالى : « وَهُوَ اللَّهُ فِي السَّمَاوَاتِ وَفِي الْأَرْضِ » (الأنعام: 3)، وقال أيضًا سبحانه وتعالى : « وَهُوَ الَّذِي فِي السَّمَاءِ إِلَهٌ وَفِي الْأَرْضِ إِلَهٌ » (الزخرف: 84)، وبالتالي فإنه من ثمرات فقه لفظ الجلالة الله، أنه يقتضي التسليم بأنه وحده المستحق للعبادة دون سواه، وهذا هو تحقيق التّوحيد الذي جاءت به الرسل، وأنزلت لأجله الكتب، وهو توحيد العبادة، حيث كل رسول كان يقول لقومه: « يَاقَوْمِ اعْبُدُوا اللَّهَ مَا لَكُمْ مِنْ إِلَهٍ غَيْرُهُ » (الأعراف: 59).
اقرأ أيضا:
معك على الحلوة والمرة.. فلا تنسوا الفضل بينكمالإله الحق
إذن الله هو الحق الذي لا يمكن أن يعبد سواه أبدًا، طالما تحقق العبد جيدًا من عملية الخلق بعقله وقلبه والمنطق ذاته.
عن معاذ بن جبل رضي الله عنه أن النبي صلوات الله وسلامه عليه قال: «يا معاذ! هل تدري ما حق الله على العباد؟ وما حق العباد على الله؟ قلتُ: الله ورسوله أعلم، قال: فإن حق الله على العباد أن يعبدوه ولا يُشركوا به شيئا، ثم سار ساعة، ثمّ قال: يا معاذ بن جبل، قلت: لبّيك رسول الله وسعديك، قال: هل تدري ما حقّ العباد على الله إذا هم فعلوا ذلك؟ قلتُ: الله ورسوله أعلم، قال: فإن حق العباد على الله إذا فعلوا ذلك أن يدخلهم الجنة»، وفي رواية أخرى: «فإن حق الله على العباد إذا فعلوا ذلك ألا يعذبهم».