منحة ربانية في ركعتين وكلمتين تمحوان خطاياك وتدخلانك الجنة
بقلم |
أنس محمد |
الخميس 18 نوفمبر 2021 - 10:12 ص
خلق الله عز وجل الإنسان ويعلم ما توسوس به نفسه، ولما علم ربنا عز وجل خطايانا التي بلغت زبد البحر، فقد لطف بنا وهو أرحم الراحمين حتى لا يعذبنا، فالله أحرص على دخولنا الجنة من أنفسنا، لذلك قد منح الله ملايين المنح الربانية لعباده، والتي لا تحتاج سوى تحرك السفتين وانطلاق اللسان في الخير والذكر، كما ينطلق في الشر والغيبة والنميمة.
ومن أفضل ما دل عليه الله عز وجل في محو الذنوب والخطايا، ركعتان وكلمتان خفيفتان لا تحتاج منا سوى أن تحرك بها جسدك وشفتيك، لكي يتوب الله عليك، وهي في صلاة الفجر، وفي قول النبي صلى الله عليه وسلم: "سُبْحَانَ اللهِ, وَالْحَمْدُ لِلَّهِ, وَلَا إِلَهَ إِلَّا اللهُ, وَاللهُ أَكْبَرُ؛ أَحَبُّ إِلَيَّ مِمَّا طَلَعَتْ عَلَيْهِ الشَّمْسُ"(رواه مسلم).
متاع الدنيا زائل
فكما نسمع عن الأموالٌ والأرقامٌ الفلكيّة، في زمننا هذا، ونسمع عن الأسعار الخيالية في شراء حذاء هذ اللاعب، أو قطعة ملابس داخلية من هذه الفنانة، بملايين الدولارات، التي نهدر بها حسناتنا، نحتاج إلى ما يرشدنا إلى مغرفة الملايين من ذنوبنا التي لا تعد ولا تحصى، كل يوم، نتيجة ما اقترفته أيدينا.
ومهما بلغنا من متاع الدنيا التي نلهث وراءها، فهو قليل وزائل، يقول الله تعالى: (وَمَا أُوتِيتُمْ مِنْ شَيْءٍ فَمَتَاعُ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَزِينَتُهَا وَمَا عِنْدَ اللَّهِ خَيْرٌ وَأَبْقَى أَفَلَا تَعْقِلُونَ * أَفَمَنْ وَعَدْنَاهُ وَعْدًا حَسَنًا فَهُوَ لَاقِيهِ كَمَنْ مَتَّعْنَاهُ مَتَاعَ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا ثُمَّ هُوَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ مِنَ الْمُحْضَرِينَ)[القصص: 60، 61].
فأموال الأغنياء وإن كثرت قليلة بالإضافة إلى ما وعدهم الله من أفضاله، وأحوال الفقراء وإن اشتدت قليلة بالإضافة إلى ما وعدهم من شهود جماله وجلاله، ولذلك فإن صاحب الدنيا ومن تعلق بها لا يفلح البتة، لا من جهة ما أراده من البقاء السرمدي، ولا من جهة ما سيفقده ويخسره بتعلقه بها من الفوز بالمطلوب الأكبر.
فلا تغترَّ أيها المؤمن العاقل بإنعام الله عليهم وتقلبهم في بلاده، في إنعام وعافية؛ فإن الله عزَّ وجلَّ يستدرجهم بذلك الإنعام، فيمتعهم به قليلًا، ثم يهلكهم فيجعل مصيرهم إلى النار.
عَمَلٌ سهل وَأَجْرٌ عظيم
دل النبي صلى الله عليه وسلم، على أعمال البرّ والخير، مثل تنبيهه إلى أداء صلاة الفجر في وقتها: "رَكْعَتَا الْفَجْرِ خَيْرٌ مِنَ الدُّنْيَا وَمَا فِيهَا".
فحينما ينهض العبد من نومه يبتغي بيت الله و فضل الله، وماء الوضوء يتقاطر برداً وسلاماً على وجهه، تشهد له الأرض والملائكة، وينظر الله إليه وهو يرفع قدماً ويضع أخرى، قال -صلى الله عليه وسلم-: "مَنْ تَوَضَّأَ ثُمَّ أَتَى الْمَسْجِدَ, فَصَلَّى رَكْعَتَيْنِ قَبْلَ الْفَجْرِ، ثُمَّ جَلَسَ حَتَّى يُصَلِّيَ الْفَجْرَ؛ كُتِبَتْ صَلَاتُهُ يَوْمَئِذٍ فِي صَلَاةِ الْأَبْرَارِ، وَكُتِبَ فِي وَفْدِ الرَّحْمَنِ".
وعن أبي هريرة -رضي الله عنه-: مَرَّ النَّبِيُّ -صلى الله عليه وسلم- عَلَى قَبْرٍ دُفِنَ حَدِيثًا فَقَالَ: "رَكْعَتَانِ خَفِيفَتَانِ مِمَّا تَحْقِرُونَ وَتَنْفِلُونَ يَزِيدُهُمَا هَذَا فِي عَمَلِهِ؛ أَحَبُّ إِلَيْهِ مِنْ بَقِيَّةِ دُنْيَاكُمْ".
يقول أبو هريرة -رضي الله عنه-: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: "أَيُحِبُّ أَحَدُكُمْ إِذَا رَجَعَ إِلَى أَهْلِهِ أَنْ يَجِدَ فِيهِ ثَلَاثَ خَلِفَاتٍ عِظَامٍ سِمَانٍ؟", قُلْنَا: نَعَمْ, قَالَ: "فَثَلَاثُ آيَاتٍ يَقْرَأُ بِهِنَّ أَحَدُكُمْ فِي صَلَاتِهِ، خَيْرٌ لَهُ مِنْ ثَلَاثِ خَلِفَاتٍ عِظَامٍ سِمَانٍ"(رواه مسلم).