من فضل الله تعالى على المسلم أن شرع له ما يضاعف حسناته ويعلي درجته ويجعله ينعم بقدر كبير من الثواب والحسنات التي تتضاعف بها الخيرات ويكثر الفضل.
ومن هذه الأشياء صلاة النوافل التي تقرب المسلم من الله تعالى وتجعله دائم الصلاة بالله تعالى ومن أخص صلاة النوافل صلاة الآوابين والتي تعرف بصلاة الضحى، فإن كانت النوافل تتمثل في الفوز بالأجر المترتب على الإتيان بها، مثل سائر السنن والنوافل، فإن
صلاة الضحى لها فضل مخصوص.
فضل صلاة الضحى:
وقد ورد في فضل صلاة الضحى العديد من الأحاديث منها ما ورد في بيان فضلها والأجر المترتب على الإتيان بها مما روى مسلم في صحيحه عن أبي ذر عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: يصبح على كل سلامى من أحدكم صدقة، فكل تسبيحة صدقة، وكل تحميدة صدقة، وكل تهليلة صدقة، وكل تكبيرة صدقة، وأمر بالمعروف صدقة، ونهي عن المنكر صدقة، ويجزئ من ذلك ركعتان يركعهما من الضحى، وبهذا فإن صلاتك الضحى تجزئ عن ستين وثلاثمائة صدقة.
وقت صلاة الضحى:
ووقت أدائها يبدأ من ارتفاع الشمس قيد رمح إلى أن يقوم قائم الظهيرة وقت الزوال؛ أي أنه يبدأ وقتها بعد طلوع الشمس بفترة يسيرة وحنى قبل صلاة الظهر.
عدد ركعات صلاة الضحى:
بين العلماء عدد ركعات صلاة الضحى بناء على ما ورد فيها من أحاديث، وقالوا إن أقل ما ورد في صلاة الضحى ركعتان؛ فقد روى مسلم من حديث أبي ذر رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (وَيُجْزِئُ مِنْ ذَلِكَ رَكْعَتَانِ يَرْكَعُهُمَا مِنْ الضُّحَى)، وروى البخاري، ومسلم من حديث أبي هريرة رضي الله عنه قال: (أوصاني خليلي صلى الله عليه وسلم بثلاثٍ: صيام ثلاثة أيام من كل شهر ، وركعتي الضحى، وأن أوتر قبل أن أنام).
وأما أكثرها، فلم يرد نص في تحديد ذلك، لكن ثبت عنه عليه الصلاة والسلام ، أنه صلى
الضحى أربعاً، وقد يزيد على تلك الأربع ركعات، وثبت عنه أنه صلاها ثمان ركعات كما في فتح مكة.
فقد روى مسلم أن معاذة رحمها الله سألت عائشة رضي الله عنها: "كَمْ كَانَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُصَلِّي صَلَاةَ الضُّحَى؟، قَالَتْ: أَرْبَعَ رَكَعَاتٍ وَيَزِيدُ مَا شَاءَ".
وروى مسلم عن أم هانئ رضي الله عنها قالت: "قَامَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِلَى غُسْلِهِ، فَسَتَرَتْ عَلَيْهِ فَاطِمَةُ ثُمَّ أَخَذَ ثَوْبَهُ فَالْتَحَفَ بِهِ، ثُمَّ صَلَّى ثَمَانَ رَكَعَاتٍ سُبْحَةَ الضُّحَى".
وإنما اختلفوا في أكثرها:
فذهب المالكية والحنابلة - على المذهب - إلى أن أكثر صلاة الضحى ثمان ؛ لما روت أم هانئ رضي الله عنها أن النبي صلى الله عليه وسلم دخل بيتها يوم فتح مكة وصلى ثماني ركعات , فلم أر صلاة قط أخف منها غير أنه يتم الركوع والسجود .
ويرى الحنفية والشافعية - في الوجه المرجوح - وأحمد - في رواية عنه - أن أكثر
صلاة الضحى اثنتا عشرة ركعة ؛ لما رواه الترمذي والنسائي بسند فيه ضعف أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : ( من صلى الضحى ثنتي عشرة ركعة بنى الله له قصرا من ذهب في الجنة ) " . انتهى بتصرف يسير .
والراجح: أن صلاة الضحى ليس لأكثرها عدد معين ، بل يصلي الشخص ما شاء من ركعات، على أن تكون تلك الصلاة مثنى مثنى ، أي : ركعتين ركعتين .