استقبل فضيلة الإمام الأكبر الدكتور أحمد الطيب، شيخ الأزهر، اليوم الثلاثاء بمقر مشيخة الأزهر، السيدة إلينا بانوفا، المنسقة المقيمة للأمم المتحدة في مصر، لبحث أوجه التعاون بين الأزهر الشريف والأمم المتحدة في مجالات نشر السلام والتعايش ومواجهة العنف والتطرف، والتصدي للكراهية والإسلاموفوبيا.
قال فضيلة الإمام الأكبر، إن الأزهر يقوم بدور كبير على الساحتين المحلية والدولية لإرساء أسس التسامح والإخاء والسلام العالمي، وقد بادر الأزهر بمد جسور الحوار والتعاون مع العديد من المؤسسات الدينية في الشرق والغرب لتلك الغاية، وعلى رأسها الفاتيكان وكنيسة كانتربري، كما بادرنا على المستوى الداخلي بالتعاون مع الكنيسة القبطية المصرية في إنشاء "بيت العائلة المصرية" الذي يعد نموذجا فريدا في تحقيق التعايش والسلام بين أبناء الوطن الواحد عبر أنشطة مشتركة؛ تسهم في حل المشكلات قبل وقوعها،
وشدد على أن الأزهر قد بادر منذ وقت طويل برفض مصطلح "الأقليات" واستبدله بمصطلح "المواطنة" التي تعني المساواة في الحقوق والواجبات بين جميع أبناء الوطن دون أي تفرقة أو تمييز.
وأوضح فضيلته، أن الأزهر يقدر كثيرا جهود الأمم المتحدة في تحقيق السلام العالمي، وترسيخ مبادئ إنسانية كالمساواة واحترام الطفل وغيرها من المبادئ التي نادى بها الإسلام قبل أكثر من ألف عام، لافتا إلى أن الحلول الجاهزة القادمة من الهيئات والمنظمات الغربية لمشكلاتنا - على غرار الشذوذ والإجهاض وغيرهما- لا تقدم أي حلول فعلية لما نعانيه من مشكلات، بل تتعارض مع ثقافتنا وتسعى لفرض الكثير من السلوكيات المرفوضة في مجتمعاتنا وترسخ لصراع جديد.
وشدد فضيلة الإمام الأكبر على تمسك الأزهر بمواصلة جهوده لتعزيز الحوار بين الأديان، تلك الجهود التي جاءت أعظم ثمارها متمثلة في "وثيقة الأخوة الإنسانية" التي وقعها فضيلته مع البابا فرانسيس في الـ 4 من فبراير عام 2019، وهو التاريخ الذي أعلنته الأمم المتحدة كيوم عالمي للأخوة الإنسانية، ولتكون دليلا لإرساء السلام العالمي والعيش المشترك،
وأضاف أن للأزهر الشريف أيضا دور اجتماعي كبير في مواجهة العديد من القضايا والتحديات الاجتماعية، حيث أنشأنا "وحدة لم الشمل" بهدف وضع الحلول الواقعية لما تعانيه الأسرة المصرية من مشكلات قد تؤدي في النهاية إلى انهيار الأسرة وتفككها.
من جانبها، أعربت السيدة إلينا بانوفا، المنسقة المقيمة للأمم المتحدة في مصر، عن تقديرها الكبير لما يقوم به الأزهر والإمام الأكبر من جهود محلية ودولية لتحقيق السلام والتعايش ونبذ العنف، مؤكدة أن ميثاق الأمم المتحدة ينادي بالكثير من المبادئ كالسلام والتسامح والعيش المشترك وهي المبادئ نفسها التي ينادي بها الدين الإسلامي وجميع الأديان، معتبرة أن هناك الكثير من المشتركات بين الدين الإسلامي وميثاق الأمم المتحدة.
وشددت بانوفا على أن الأمم المتحدة بكل هيئاتها تسعى دائما للتعاون مع القادة الدينيين والمؤسسات الدينية حول العالم، وعلى رأسها الأزهر الشريف، للتعريف بحقوق الفئات المهمشة واللاجئين وغيرهم من الفئات الأكثر ضعفا لبناء قدراتهم وتمكينهم من التغلب على ما يواجهونه من تحديات وصعوبات ازدادت حدتها بعد تفشي جائحة فيروس كورونا المستجد، معربة عن تقديرها لجهود الإمام الأكبر في نشر قيم الحوار والأخوة الإنسانية.
من جانب أخر استقبل فضيلة الإمام الأكبر أحمد الطيب، شيخ الأزهر الشريف، صباح اليوم الاثنين، وفدًا برئاسة السيد مؤمن حسن بري، وزير الأوقاف والشؤون الدينية في جيبوتي، بمقر مشيخة الأزهر؛ وذلك لبحث سبل التعاون المشترك في المجالين العلمي والدعوي.
قال فضيلة الإمام الأكبر: إن الأزهر الشريف حريص كل الحرص على تعزيز علاقاته العلمية والدعوية مع جيبوتي، وتقديم كل الدعم لنشر المنهج الأزهري الوسطي في هذا البلد الشقيق، مؤكدًا أن الأزهر مستعد لاستقبال أئمة جيبوتي لتدريبهم على الفكر الوسطي المعتدل، ليكونوا نواة لتشغيل معهد الوسطية ونشر ثقافة السلام الذي أنشأته جيبوتي مؤخرا لتعزيز الفكر الوسطي والسلام في البلاد.
وأوضح فضيلته، أن للأزهر تجربة رائدة في التعايش بين أبناء الوطن الواحد عبر إنشاء "بيت العائلة المصرية"، والذي احتفلنا مؤخرا بالذكرى العاشرة على تأسيسه، وقد حقق نجاحات كبيرة أسهمت في إرساء دعائم الوحدة والإخاء داخل مصر، مؤكدا استعداد الأزهر لزيادة عدد المنح المقدمة لطلاب جيبوتي للدراسة في جامعة الأزهر مع إتاحة الفرصة لهم للالتحاق بالكليات العلمية مثل الطب والهندسة وغيرها، بالإضافة إلى الكليات الشرعية والعربية.
اقرأ أيضا:
8فضائل للنهي عن المنكر .. سفينة المجتمع للنجاة ودليل خيرية الأمة الإسلامية ..تكفير للذنوب ومفتاح عداد الحسناتمن جانبه عبر السيد/ مؤمن حسن بري، وزير الأوقاف والشؤون الدينية في جيبوتي عن تقديره الكبير لفضيلة الإمام الأكبر، وما يبذله من جهود كبيرة في مواجهة العولمة وما تفرضه من تحديات تستهدف شبابنا المسلم، مؤكدًا حرص بلاده على الاستفادة من خبرات الأزهر الشريف في المجالين الدعوي والعلمي، مشيرا إلى أن بلاده قد أنشأت مؤخرا معهد الوسطية ونشر ثقافة السلام في جيبوتي؛ ليسهم في تخريج أجيال جديدة من الدعاة القادرين على مواجهة التحديات الراهنة، معربا عن أمله في أن يدعم الأزهر الشريف هذا الصرح الجديد؛ ليتمكن من تحقيق أهدافه عبر تزويده بالمدرسين والكتب وغيرها من جوانب الدعم اللازمة لأداء مهمته على النحو المنشود.
وفي نهاية اللقاء، أهدى فضيلة الإمام الأكبر للوزير درع الأزهر الشريف، كما أهدى الوزير لفضيلة الإمام الأكبر درع الثقافة الجيبوتي، كما تم توقيع بروتوكول التعاون بين الأزهر الشريف ومعهد الوسطية ونشر ثقافة السلام في جيبوتي بين فضيلة الدكتور/ محمد الضويني، وكيل الأزهر الشريف، والسيد / مؤمن حسن بري، وزير الأوقاف والشؤون الدينية في جيبوتي