عن أبي موسى عبد الله بن قيس أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «أنا بريء من الصالقة والحالقة والشاقة»، ويقول أهل العلم: إن الصالقة هي التي ترفع صوتها عند المصيبة، والحالقة التي تحلق شعرها عند المصيبة، والشاقة التي تشق ثوبها عند المصيبة.
روى البخاري ومسلم في صحيحيهما، عن أنس بن مالك رضي الله عنه، أنه قال: مر النبي الأكرم صلى الله عليه وسلم، بامرأة تبكي عند قبر، فقال: «اتقي الله واصبري»، قالت: إليك عني، فإنك لم تُصب بمصيبتي! ولم تعرفه، فقيل لها: إنه رسول الله صلى الله عليه وسلم، فأتت باب النبي صلى الله عليه وسلم، فلم تجد عنده بوابين! فقالت: لم أعرفك! فقال: «إنما الصبر عند الصدمة الأولى».
الصبر أعظم
فيا أيتها الأم الثكلى، ويا أيتها الزوجة المكلومة، ويا أيتها المرأة المطلقة، اعلمي أن الصبر أعظم، وأنه لا سبيل من الاعتراض على قضاء الله إلا غضب الله وليعاذ بالله، واعلمن أيضًا أن هناك أمر أمرنا به رسول الله صلى الله عليه وسلم، وليس لأحد سوى المسلمين، وهو الصبر والشكر.
عن أبي يحيى صهيب بن سنان قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «عجباً لأمر المؤمن، إن أمره كله له خير، وليس ذلك لأحد إلا للمؤمن، إن أصابته سراء شكر فكان خيراً له، وإن أصابته ضراء صبر فكان خيراً له»، ولذلك أيضًا أعظم الله عز وجل جزاء الصبر بما ليس لغيره من العبادات؛ فقال سبحانه: « إِنَّمَا يُوَفَّى الصَّابِرُونَ أَجْرَهُم بِغَيْرِ حِسَابٍ » (الزمر: 10).
اقرأ أيضا:
لو الدنيا ضدك وأمورك معطلة.. ابحث عن السبب بهذه الطريقةالرضا أعلى مراتب القبول
فإذا بلغت المرأة مرحلة الرضا، تكون قد وصلت لأعلى مراتب القبول عند الله عز وجل، ولتعلم كل أم مكلومة وثكلى في ابنها أن الصبر هو الباقي والأساس لدى أهل الإيمان، ولذلك فالله عز وجل يجزيه أفضل الجزاء؛ كما في الحديث عن الرجل الذي قبضت الملائكة روح ولده، فيسألهم الله عز وجل وهو أعلم بهم: «قبضتم روحَ ولده؟» «أخذتم ثمرة فؤاده؟» فيقولون: نعم. فيقول الله: «وماذا قال عبدي؟» فيقولون: حمدك واسترجع. فيقول لهم: «ابنوا لعبدي بيتًا في الجنة، وسموه بيت الحمد».
لكن ما المانع من البكاء؟، فقد بكى النبي الأكرم صلى الله عليه وسلم ابنه إبراهيم وقال: «إن العين لتدمَع، وإن القلب ليحزن، وإنا لفراقك يا إبراهيم لمحزونون، ولا نقول إلا ما يُرضي ربنا».. فهذا حال المسلمة المؤمنة بقضاء الله وقدره، يجازيها الله عز وجل خير الجزاء، بينما تلك المعترضة على قضاء الله سواء «الصالقة والحالقة والشاقة»، فإنهن بحاجة شديدة إلى التوبة فورًا.