ربما لا تمثل البعوضة أي اهتمام حال تم ذكرها أمام الإنسان، إلا أن الله سبحانه وتعالى أولاها بالذكر في كتابه الحكيم، في إشارة لتحدي المشركين، حيث تحدى الله سبحانه وتعالى المشركين بأن يخلق جناح بعوضة، وهي في نظرهم أتفه الكائنات الحية، فالبعوض فصيلة من الحشرات من رتبة ذوات الجناحين تتغذى إناثها على دم الإنسان وأكثر الحشرات الماصة للدماء انتشاراً، وذكرها الله عز وجل في القرآن الكريم، يقول الله تعالى في سورة البقرة: "إِنَّ اللَّهَ لا يَسْتَحْيِي أَنْ يَضْرِبَ مَثَلاً مَا بَعُوضَةً فَمَا فَوْقَهَا فَأَمَّا الَّذِينَ آمَنُوا فَيَعْلَمُونَ أَنَّهُ الْحَقُّ مِنْ رَبِّهِمْ وَأَمَّا الَّذِينَ كَفَرُوا فَيَقُولُونَ مَاذَا أَرَادَ اللَّهُ بِهَذَا مَثَلاً يُضِلُّ بِهِ كَثِيراً وَيَهْدِي بِهِ كَثِيراً وَمَا يُضِلُّ بِهِ إِلاَّ الْفَاسِقِين" سورة البقرة 26.
وجناح البعوضة الذي ضرب الله به المثل في القرآن الكريم، اكتشف العلماء أنه لابد للبعوضة أن ترفرف بأجنحتها حوالي 500 مرة في الثانية الواحدة كي تطير بسرعة متواضعة مقدارها ثلاثة أميال في الساعة.
ويتكون الجهاز الهضمي في البعوضة من تجويف فموي قصير يليه بلعوم قوي يعمل كمضخة لسحب الدم خلال تجويف الشفة العليا.
ويتكون الجهاز التنفسي في البعوضة كما في جميع الحشرات من أنابيب ضيقة تسمى بالقصبات لها فتحات خارجية علي جانبي حلقات الصدر والبطن.
الجهاز العصبي:
يتكون الجهاز العصبي في البعوضة من حبل عصبي مكون من عقد متصلة بعضمها ببعض بواسطة ألياف عصبية ويوجد منها في الرأس زوجين يسميان أحيانا بالمخ.
الجهاز التناسلي:
يكون في مؤخرة بطن البعوضة في التجويف الدموي ويتركب في الأنثى من مبيضين لكل منها قناة قصيرة هي قناة المبيض وتتحد القناتان في الناحية البطنية لتكونا المهبل ويفتح المهبل للخارج بواسطة الفتحة التناسلية التي تقع خلف فتحة الشرج. ويصب في المهبل قبل نهايتة قناة الحوصلة المنوية التي تستقبل وتختزن الحيوانات المنوية، حيث تستعملها الأنثى تدريجيا في تلقيح البويضات.أما في الذكر فيتكون الجهاز التناسلي من خصيتين كل منهما قناة منوية وتتحد القناتان لتكون القناة القاذفة التي تفتح للخارج في الفتحة التناسلية للذكر.
كيف يدرك البعوض الكائنات الحية في الطبيعة؟
البعوضة لها قابلية الحس بالكائنات الحية بواسطة حرارتهم فإن البعوضة تستطيع أن تلتقط حرارة الأجسام بشكل ألوان.
لكن هذا الحس للحرارة لا يعتمد على أشعة الشمس أي على الضوء، فإن مقدار الحس البصري لديها يعادل 1/1000 درجة بالنسبة للحس الحراري.
كما أن البعوض تملك حوالي 100 عين وهذه العيون موجودة في الرأس على شكل يشبه قرص العسل تقوم عين البعوض باستلام هذه الإشارات وتنقلها إلى الدماغ.
اقرأ أيضا:
"وهموا بما لم ينالوا".. منافقون دبروا مكيدة للنبي ففضحهم القرآنوجه الإعجاز في القرآن
قال تعالى: "إِنَّ اللَّهَ لا يَسْتَحْيِي أَنْ يَضْرِبَ مَثَلاً مَا بَعُوضَةً فَمَا فَوْقَهَا فَأَمَّا الَّذِينَ آمَنُوا فَيَعْلَمُونَ أَنَّهُ الْحَقُّ مِنْ رَبِّهِمْ وَأَمَّا الَّذِينَ كَفَرُوا فَيَقُولُونَ مَاذَا أَرَادَ اللَّهُ بِهَذَا مَثَلاً يُضِلُّ بِهِ كَثِيراً وَيَهْدِي بِهِ كَثِيراً وَمَا يُضِلُّ بِهِ إِلاَّ الْفَاسِقِين " سورة البقرة 26".
عندما ضرب الله مثلا بالبعوضة.. استقبله الكفار بالمعنى الدنيوي دون أن يفطنوا للمعنى الحقيقي.. قالوا كيف يضرب الله مثلا بالبعوضة ذلك المخلوق الضعيف.. الذي يكفي أن تضربه بأي شيء أو بكفك فيموت؟. لماذا لم يضرب الله تبارك وتعالى مثلا بالفيل الذي هو ضخم الجثة شديدة القوة أو بالأسد الذي هو أقوى من الإنسان وضرب لنا مثلا بالبعوضة فقالوا: (ماذا أراد الله بهذا مثلا).. ولم يفطنوا إلى أن هذه البعوضة دقيقة الحجم خلقها معجزة.. لأن في هذا الحجم الدقيق وضع الله سبحانه وتعالى كل الأجهزة اللازمة لها في حياتها.. فلها عينان ولها خرطوم دقيق جدا ولكنه يستطيع أن يخرق جلد الإنسان.. ويخرج الأوعية الدموية التي تحت الجلد ليمتص دم الإنسان.
والبعوضة لها أرجل ولها أجنحة ولها دورة تناسلية ولها كل ما يلزم لحياتها.. كل هذا في هذا الحجم الدقيق.. كلما دق الشيء احتاج إلى دقة خلق أكبر.
وحينما ضرب الله سبحانه وتعالى هذا المثل.. استقبله المؤمنون بأنه كلام الله.. واستقبلوه بمنطق الإيمان بالله فصدقوا به سواء فهموه أم لم يفهموه.. لأن المؤمن يصدق كل ما يجيء من عند الله سواء عرف الحكمة أو لم يعلمها.. واقرأ قوله تبارك وتعالى: {وَلَقَدْ جِئْنَاهُمْ بِكِتَابٍ فَصَّلْنَاهُ على عِلْمٍ هُدًى وَرَحْمَةً لِّقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ هَلْ يَنظُرُونَ إِلاَّ تَأْوِيلَهُ يَوْمَ يَأْتِي تَأْوِيلُهُ يَقُولُ الذين نَسُوهُ مِن قَبْلُ قَدْ جَآءَتْ رُسُلُ رَبِّنَا بالحق فَهَل لَّنَا مِن شُفَعَآءَ فَيَشْفَعُواْ لَنَآ أَوْ نُرَدُّ فَنَعْمَلَ غَيْرَ الذي كُنَّا نَعْمَلُ قَدْ خسروا أَنْفُسَهُمْ وَضَلَّ عَنْهُمْ مَّا كَانُواْ يَفْتَرُونَ}... [الأعراف : 52-53].
إن كل مصدق بالقرآن لا يطلب تأويله أو الحكمة في آياته.. ولذلك قال الكافرون: {مَاذَآ أَرَادَ الله بهذا مَثَلاً} ويأتي رد الحق تبارك وتعالى: {يُضِلُّ بِهِ كَثِيراً وَيَهْدِي بِهِ كَثِيراً وَمَا يُضِلُّ بِهِ إِلاَّ الفاسقين}.. ومن هم الفاسقون؟.. هم الذين ينقضون عهد الله من بعد ميثاقه.