للأسف كثر من حولنا الجدال (والرغي) غير المفيد، وبات الجميع يثرثرون فيما لا يفيدهم بشيء سوى المزيد من الخلافات وفقط، بينما المتتبع لأهل العلم ممن سبقونا سيعرف جيدًا متى يتحدث ومتى يصمت، وكيف تكون الفائدة في الحديث، ومتى تكون في الصمت؟.
وفي ذلك يقول التابعي الربيع بن خثيم : «لا خير في الكلام إلا في تسع مواضع ؛ تهليل وتكبير وتسبيح وتحميد وسؤالك من الخير وتعوذك مـن الشـر وأمرك بالمعروف، ونهيك عن المنكر، وقراءتك للقرآن».. فراجع نفسك عزيزي المسلم، لترى أين أنت من كل هذه الأمور، فإن كنت تتبع إحدى التسعة فأنت على الحق، وإن كنت خلاف ذلك، فعد من فورك لأن الأمر جلل.
خير الكلام
نبينا الأكرم الذي بعث رحمة للعالمين، ولكي يضيء الطريق للعالم أجمع، كان يفضل الصمت، على الرغم من أنه لا ينطق عن الهوى، إن هو إلا وحي يوحى، فكيف به وهو لا يتحدث إلا بوحي من الله عز وجل لتعليم أمته، يفضل الصمت، بينما أنت، تتحدث في الكثير والكثير جون وعي ودراية، فتقع في مصائد عديدة، وأنت لا تنتبه لها.
فينبغي للعاقل المكلف أن يحفظ لسانه عن جميع الكلام، إلا كلامًا تظهر المصلحة فيه، ومتى استوى الكلام وتركه في المصلحة فالإمساك عنه أفضل، لأنه قد يجر الكلام المباح إلى حرام أو مكروه.
عن أبي هريرة رضي الله عنه، عن النبي الأكرم صلى الله عليه وسلم، أنه قال: «من كان يؤمن بالله واليوم الآخر فليقل خيرا أو ليصمت».
اقرأ أيضا:
تعرف على آخر وقت التكبير في عيد الأضحىعبادة الصمت
الصمت عبادة، وأنت لا تدري بينما الحديث الكثير قد يوقعك في أخطاء لا حصر لها، فالإنسان حين يريد أن يستجمع أفكاره ويراجع أعماله، ويقيس في الحياة أموره وأحواله فإنه يجنح إلى الصمت، فالصمت سمة من سمات المؤمنين، وصفة من صفات العقلاء المفكرين، أوصى به الإسلام.
فقد دعا المولى عباده إلى الصمت بتنبيههم على المؤاخذة على الكلام، فقال تعالى: «مَا يَلْفِظُ مِنْ قَوْلٍ إِلَّا لَدَيْهِ رَقِيبٌ عَتِيدٌ» (ق:18)، وبالتالي فإن من نطق في غير خير فقد (لغى)، فقد جاء في الأثر أن نبي الله يونس عليه السلام لما خرج من بطن الحوت طال صمته فقيل له: ألا تتكلم؟ فقال: «الكلام صيرني في بطن الحوت»، وما ذلك إلا لأن بداية استقامة الإنسان تأتي من اللسان، وفي ذلك يقول الرسول الأكرم صلى الله عليه وسلم: «لا يستقيم إيمان عبد حتى يستقيم قلبه، ولا يستقيم قلبه حتى يستقيم لسانه».