عزيزي المسلم، يا من تسعى إلى الله سعي السائرين إليه، اعلم يقينًا أن الله عز وجل إنما يريد أن يقربك إليه، فلا تتأخر أو تؤجل الأمر، واعلم أنه ينتظرك في اليوم 5 مرات، فضلا عن انتظارك في كل ليلة علك تقوم من نومتك لتقف بين يديه تطلب رجائه ورحمته، وعفوه ومقدرته، فكيف بك تتأخر، ثم تتمنى بينك وبين نفسك أن يحسبك الله عز وجل بين منازل السائرين.
أولاً: عليك أن تعرف من هم هؤلاء حتى تسير على خطاهم، وتكون واحدًا منهم، فالأمر يستحق.. ولتعلم يقينًا أن منازل السائرين، إنما هم "الذين يريدون أن يسيروا إلى الله بالتعرف عليه"، قال تعالى: «وَلَا تُطِعْ مَنْ أَغْفَلْنَا قَلْبَهُ عَنْ ذِكْرِنَا وَاتَّبَعَ هَوَاهُ وَكَانَ أَمْرُهُ فُرُطاً»، والمعنى هو أن القلب إذا حدثت له اليقظة فإنه يسير نحو المطلوب، ويهتدي إلى الطريق الصحيح، وهو لاشك طريق الله عز وجل.
نور القلب
السائرون إلى الله يرون بنور الله عز وجل، ويعرفون أن الدنيا فانية، وأن من يملكه العبد من عمل لله لهو الفضل كله، وهو القوة التي تعينه على مصاعب الحياة، والسبب الرئيسي في أن يلتقي الله يومًا ما وهو على أتم الاستعداد، وفي ذلك يقول الإمام ابن القيم رحمه الله: «إذا صحت فكرته أوجبت له البصيرة، فهي نور في القلب يبصر به الوعد والوعيد، والجنة والنار، وما أعد الله في هذه لأوليائه، وفي هذه لأعدائه، فأبصر الناس وقد خرجوا من قبورهم مهطعين لدعوة الحق.
وقد نزلت ملائكة السماوات فأحاطت بهم، وقد جاء الله، وقد نصب كرسيه لفصل القضاء، وقد نصب الميزان، وتطايرت الصحف، واجتمعت الخصوم، وتعلق كل غريم بغريمه، ولاح الحوض وأكوابه عن كثب، وكثر العطاش وقل الوارد، ونصب الجسر للعبور، وقسمت الأنوار دون ظلمته للعبور عليه، والنار يحطم بعضها بعضا تحته، والمتساقطون فيها أضعاف أضعاف الناجين. فتنفتح في قلبه عين يرى بها ذلك، ويقوم بقلبه شاهد من شواهد الآخرة يريه الآخرة ودوامها، والدنيا وسرعة انقضائها».
اقرأ أيضا:
تعرف على آخر وقت التكبير في عيد الأضحىاللذة الحقيقية
إذن من يريد اللذة الحقيقية، عليه بالسير في طريق الله عز وجل، فنحن لاشك بحاجة إلى معرفة الله معرفةً حقيقية، لتزداد خشيتنا له، وخوفنا منه، ورجاؤنا فيه، وتوكلنا عليه، وقيامنا بحقوقه، وتعظيمنا لشعائره، ووقوفنا عند حدوده، فقد سأل نبي الله موسى عليه السلام، ربه: أي رب، أي عبادك أخشى لك؟ قال: أعلمهم بي.
وصدق الله إذ يقول: « إِنَّمَا يَخْشَى اللَّهَ مِنْ عِبَادِهِ الْعُلَمَاءُ » (فاطر: 28)، أي العلماء به، وكل عبد يستطيع أن يعرف الله حق المعرفة إذا اقترب من طريقه، ووقف كل ليلة بي يديه يلتمس نوره، ويسأله التواصل الدائم، وحينها من المؤكد ستكون النتيجة علاقة متبادلة، عبد يسأل ويتمنى القرب ورب يجيب ويمد يديه بالقرب والود.