حمد الله تعالي يكون دائما على نعمة عامة لك ولغيرك، فرُقْعة الحمد أوسع من رُقْعة الشكر، أما المدح فقد تمدح ما لا يعطيك شيئاً، كأن تمدح مثلاً الشكل الجميل لمجرد أنه أعجبك
ويشترك مع الحمد في المعني العام: ثناء وشُكْر ومدح، إلا أن هذه الألفاظ وإنْ تقاربت في المعنى العام فلكُلٍّ منها معناه الخاص، وكل هذه الألفاظ فيها ثناء، إلا أن الشكر يكون من مُنعَم عليه بنعمة خاصة به، كأن يُسدي لك إنسان جميلاً لك وحدك، فتشكره عليه.أما قول الحمد لله } بالألف واللام الدالة على الحصر، فالمراد الحمد المطلق الكامل لله، الحمد المستوعب لكل شيء، حتى إنَّ حمدك لأيِّ إنسان قدَّم لك جميلاً فهو إذا سألته حَمْدٌ لله تعالى الذي أعان هذا الإنسان على أن يحسن إليك، فالجميل جاء من حركته، وحركته موهوبة له من خالقه، والنعمة التي أمدّك بها موهوبة من خالقه تعالى، وهكذا إذا سلسلتَ الحمد لأيِّ إنسان في الدنيا تجده يصل إلى المنعِم الأول سبحانه وتعالى.
ومن الثابت التأكيد أن كلمة الحمد لله هي الصيغة التي علمنا الله أنْ نحمدَهُ بها، وإلا فلو ترك لنا حرية التعبير عن الحمد ولم يُحدِّد لنا صيغة نحمده ونشكره بها لاختلف الخَلْق في الحمد حَسْب قدراتهم وتمكّنهم من الأداء وحَسْب قدرتهم على استيعاب النعم، ولوجدنا البليغ صاحب القدرة الأدائية أفصح من العيي والأُمّي. فتحمّل الله عنا جميعاً هذه الصيغة، وجعلها متساوية للجميع، الكل يقول {الحمد لِلَّهِ} البليغ يقولها، والعيي يقولها، والأُمّي يقولها.
وحمد الله كما يؤكد الدكتورعلي جمعة مفتي الديار المصرية وعضو هيئة كبارالعلماء قد يكون باللسان، وقد يكون بالجنان، وقد يكون بالأركان فَمِنْ حمد اللسان: الذكر بصريح الحمد "الحمد لله "وَمِنْ حمد اللسان: أن تنزهه، وأن تطهره، كما طهرته بالماء في الوضوء؛ استعدادًا لمناجاة الله ، وكما طهرته بالسواك، تطيبه؛ استعدادًا لملاقاة الله في الصلاة ، وكان النبي ﷺ يحب السواك، حتى إنه طلبه من السيدة عائشة عندمَّا دخل أخوها في حالة انتقاله ﷺ إلى الرفيق الأعلى، فنظر إليه، فعرفت أنه يريد السواك ﷺ ، فبلته بريقها وأعطته لسيدنا رسول الله ﷺ فاستاك.
والحمد قد يكون أيضًا بالجنان، فالقلب يشكر ربه ومن وسائل هذا الشكر أن يتعلق قلبك بالمسجد؛ شوقًا إلى الصلاةورجلٌ قد تعلق قلبه بالمساجد».والمساجد هنا هي مواطن السجود، وليست فقط الجوامع فقلبه معلقٌ بصلاة الظهر، ينتظرها ليصليها في وقتها، فإن انتهت تعلق قلبه بالعصر، تعلق قلبه بالمغرب، تعلق قلبه بمواطن السجود؛ شوقًا لله..
وكان النبي ﷺ إذا حزبه أمرٌ فزع إلى الصلاة ضاقت به الحال، ضاقت به نفسه، من نكد الدنيا، فإنه يفزع إلى الصلاة، فيجد راحته فيها. وكان يقول لبلال: «أرحنا بها يا بلال بعض الناس يصلي على نمط: (أرحنا منها)، نؤدي الواجب فقط، ويصلي ولكن يريد أن ينتهي من الفرض »..
زمن ثم فلابد أن تأتي العبادة بشوق، وهذا نوعٌ من أنواع الحمد: تعلق القلب بالله، تعلق القلب بالمساجد للقاء الله، تعلق القلب بلقاء الله عن طريق الصلاة، وهكذا تعلق القلب بالله، هو حقيقة الحمد بالقلب.
وحمد الله كذلك من الممكن أن يكون بالأركان، وفي ذلك يقول سيدنا رسول الله ﷺ شيئًا غريبًا، يقول: «مَنْ لم يشكر الناس، لا يشكر الله.
وكأنه يأمرك أن تشكر الناس على ما قدموه من معروف؛ لأن الله سبحانه وتعالى إذا أجرى المعروف على يد أخيك إليك، فكأنه أمرك أن تقول له "جزاك الله خيرًا" «وَمَنْ قال لأخيه: جزاك الله خيرًا، فقد أبلغ له في الثناء».
اقرأ أيضا:
6 آداب على الزوج مراعاتها مع زوجته.. وإلا تحولت حياتهما جحيمًاومن البديهي التأكيد هنا أن الحامدين لا يتم حمدهم لله رب العالمين؛ إِلَّا إذا شكروا أهل المعروف من البشر؛ حيث ساق اللهُ المعروف إليه، فهو نعمةٌ مسداة إليه من قبل الرحمن على يد هذا الذي أصبح واسطةً للخير، و«الدال على الخير كفاعله لا يَكْمُل الحامد، ولا يبلغ مبلغ الكمال؛ إِلَّا إذا شكر الناس ».