يخلط الكثير من الناس بين البيت العتيق وهو الكعبة المشرفة، وبين البيت المعمور، وهو بيت شبيه بالكعبة في السماء يطوف حوله الملائكة.
فالبيت العتيق أو البيت الحرام هو أول بيت وضع للناس من أجل عبادة الله سبحانه وتعالى، قال تعالى في سورة آل عمران: "إنَّ أَوَّلَ بَيْتٍ وُضِعَ لِلنَّاسِ لَلَّذِي بِبَكَّةَ مُبَارَكًا وَهُدًى لِّلْعَالَمِينَ ".
وسميت الكعبة بالبيت العتيق و البيت الحرام والبيت المعمور أيضا تيمنا بالبيت الذي في السماء لوجه الشبه بينهما، من حيث عمارة المسجدين بالعبادة، فالبيت العتيق وهو الكعبة يعمره البشر بالعبادة ليل نهار لله تعالى، والبيت المعمور يعمره المكلائكة بالعبادة، ليل نهار.
أول من طاف بالبيت العتيق
يقال إن المسالة فيها خلاف، فهناك قولان:
أحدهما بأن الملائكة أول من طاف بالبيت الحرام، حيث أنهم كانوا أول من أسس البيت الحرام، وبعد تأسيسه أمروا بالطواف به، وهو القول الأكثر قوة.
والرأي الثاني يقول بأن سيدنا آدم كان أول من طاف بالبيت الحرام، حيث أنه أمر ببناء الكعبة، ثم نزل جبريل عليه السلام يحمل إليه أمر الله تعالى بأن يطوف بالبيت الحرام، ولكن هذا الرأي مشكوك فيه.
و الرأي الراجح هو إن الكعبة المشرفة سبق أن بنتها الملائكة بأمر من الله عز وجل وقبل نزول آدم عليه السلام إلى الأرض، والمعلوم أن الملائكة كانت تطوف حول الكعبة حتى هبوط آدم وحواء إلى الأرض .
فضل البيت العتيق
فضل البيت العتيق"الكعبة" كبير في الإسلام، فهو المكان الوحيد الذي أمر الله سبحانه وتعالى بالطواف به من أجل العبادة والتقرب لله، في حين أن الطواف بأي مكان آخر يعد شرك بالله، كما أنها القبلة التي يصلي في إتجاهها كل المسلمين من كل أنحاء العالم، وهي أيضا في بقعة حرم الله القتال فيها، كما أنها أول بيت وضع على الأرض بغرض العبادة، ويحتوي على الحجر الأسود والذي هو من أحجار الجنة.
كما أن زيارة البيت العتيق قاصدا الحج لله والطواف ببيته بغرض العبادة، فله بكل خطوة حسنة، كما تمحى عنه بكل خطوة سيئة، وأيضا بعد الطواف والحج يعود كيوم ولدته أمه، حيث يغفر له ما تقدم من ذنب، كما أن أجر الطواف بالبيت الحرام يعادل أجر عتق رقبة.
قال تعالى : ” وَعَهِدْنَا إِلَى إِبْرَاهِيمَ وَإِسْمَاعِيلَ أَنْ طَهِّرَا بَيْتِيَ لِلطَّائِفِينَ وَالْعَاكِفِينَ وَالرُّكَّعِ السُّجُودِ ” البقرة الأية 125.
قال تعالى “وَإِذْ بَوَّأْنَا لِإِبْرَاهِيمَ مَكَانَ الْبَيْتِ أَنْ لَا تُشْرِكْ بِي شَيْئًا وَطَهِّرْ بَيْتِيَ لِلطَّائِفِينَ وَالْقَائِمِينَ وَالرُّكَّعِ السُّجُودِ” سورة الحج الأية 26 .
البيت المعمور
أما "البيت المعمور".. كعبة أهل السماء يدخله يوما سبعون ألف ملك.
وهذه الكعبة الخاصة بالملائكة، توجد في السماء السابعة يحجون إليها، هذه الكعبة هي التي أسماها الله تعالى: "البيت المعمور" ويقال له "الضراح"، وقد وأقسم به الله تعالى: {وَالْبَيْتِ الْمَعْمُورِ}.. [الطور: 4].
صفة البيت المعمور ومكانه
بيت عظيم في السماء السابعة بمحاذة كعبة الأرض وهو قعر عرش الرحمن، وقد رأى رسول الله سيدنا إبراهيم مسنداً ظهره إلى البيت المعمور، لأنه هو من بنى الكعبة الأرضية وذلك عندما أُسرى به إلى السماء.
وورد عن النبي في بعض الروايات أن البيت المعمور يدخله كل يوم سبعون ألفا من الملائكة يومياً ثم لا يعودون فيه أبد، فعن قتادة أن النبيّ صلى الله عليه وسلم قال يوما لأصحابه:«هَلْ تَدْرُونَ ما البَيْتُ المَعْمُورُ» قالوا: الله ورسوله أعلم، قال: «فإنّهُ مَسْجِدٌ فِي السّماءِ تَحْتَهُ الكَعْبَةُ لَوْ خَرّ لخَرّ عَلَيْها، أوْ عَلَيْهِ، يُصلّي فِيهِ كُلّ يَوْمٍ سَبْعُونَ ألْفَ مَلكٍ إذَا خَرَجُوا مِنْهُ لَمْ يَعُودُوا آخِرَ ما عَلَيْهِمْ».
وهذا يعني أن كل يوم يدخله سبعون ألف ملك للعبادة في هذا البيت المعمور ثم يخرجون ولا يعودون إلى يوم القيامة، وهذا يدل على كثرة الملائكة، وأنهم ملايين لا تحصى، ففيه يتعبدون ويطوفون كما يطوف أهل الأرض بكعبتهم.
وعن علي بن أبي طالب، أخرج ابن جرير من طريق خالد بن عرعرة: (أن رجلاً قال لعلي - رضي الله عنه-: ما البيت المعمور؟ قال: بيت في السماء بحيال البيت، حرمة هذا في السماء كحرمة هذا في الأرض، يدخله كل يوم سبعون ألف ملك، ولا يعودون إليه).
وعن ثابت، عن أنس، قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: "لَمّا عَرَجَ بِي المَلكُ إلى السّماءِ السّابِعَةِ انْتَهَيْتُ إلى بِناءٍ فَقُلْتُ للْمَلَكِ: ما هَذَا؟ قال: هَذَا بِناءٌ بَناهُ اللّهُ للْمَلائِكَةِ يَدْخُلُهُ كُلّ يَوْمٍ سَبْعُونَ ألْفَ مَلَكٍ، يُقَدّسُونَ اللّهَ ويُسَبّحُونَهُ، لا يَعُودُونَ فِيه".
وكل هذه الأحاديث النبوية الشريفة والآثار توضح العلاقة بين البيت المعمور والكعبة على النحو الآتي:
1 .إن البيت المعمور في السماء، بينما الكعبة في الأرض .
2 .تطوف الملائكة حول البيت المعمور . ويطوف الناس حول الكعبة . وقد بدأت الملائكة بالطواف حول البيت المعمور بعد هبوط آدم إلى الأرض .
3 .يقع البيت المعمور فوق الكعبة في المستوى العمودي .
4 .تتعلق المعجزة الربانية في إقامة وبناء كل من البيت المعمور والكعبة حيث أمر الله العلي القدير ببنائهما فلا علاقة للإنسان ببنائهما . وليس غريباً أن تتولى الملائكة عملية البناء، فالله سبحانه وتعالى يكلفهم حيث يشاء .
اقرأ أيضا:
التقويم الهجري القمري.. تقويم رباني معجز لا يخضع مساره لتغيير البشر