يقول المولى عز وجل في كتابه الكريم: «لِإِيلَافِ قُرَيْشٍ (1) إِيلَافِهِمْ رِحْلَةَ الشِّتَاءِ وَالصَّيْفِ (2) فَلْيَعْبُدُوا رَبَّ هَذَا الْبَيْتِ (3) الَّذِي أَطْعَمَهُمْ مِنْ جُوعٍ وَآمَنَهُمْ مِنْ خَوْفٍ (4).. هذه السورة تناقش مشكلة حياتية قد تحدث لنا جميعًا، وهي (إلف النعمة).
فكأن الله عز وجل بجلاله وقدره، يقول لنا إن قريشًا اعتادت النعمة واستقامة مصالحهم ورحلتيهم بالشتاء والصيف دون النظر لواهب هذه النعم ومديمها!.. ونحن الآن كثير منا للأسف اعتاد النعم فنسي أن يشكر واهبها عليها، وينسى أن رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: « من بات آمناً في سربه ، معافاً في بدنه ، عنده قوت يومه ، فكأنما حيزت له الدنيا بحذافيرها» ، يعني كأن الدنيا كلها ملكك !.
اعتياد النعمة
ترى البعض يعيش حياته بشكل روتيني بحت (ينام ويصحو) ويجد قوت يومه، ويأمن في بيته، ثم يقول لك: (وما الغريب في ذلك.. أعيش مثل الجميع)، لكن المفاجأة أنك لست ككل الناس ، هناك البعض يصحو من نومه ولا يجد قوت يومه، أو ما يسد به رمقه أو رمق من هم مسئول عنهم، وهناك أناس ينتظرون الموت بين كل لحظة، وهناك من يفتقد الأمان دائمًا.
بينما أنت تعيش في أمان وتجد قوت يومك، ولست بمريض.. وبالتالي فأنت في نعيم مقيم ولا تشعر، أو لا تعترف به.. ومن ثم إياك أن تألف هذه النعم فتجحد، لكن اشكر الله تألفك نِعمته.. وافرح بنعمة الله عز وجل عليك واشكرها حتى لو متكررة للمرة الألف ، لأن مجرد دوام النعمة نعمة ، وإلف النعمة وعدم شكرها جحود وظلم .
اقرأ أيضا:
لو عايز تعيش مطمئنًا هادئ القلب خاليًا من الهموم والغموم.. تعامل بهذه الطريقةالحمد لله
عزيزي المسلم، حينما يسألك أحدهم (أخبارك أيه)؟.. إياك أن ترد بالقول (زي كل يوم)، وإنما قل: (الحمد لله الذي أغناني من فضله من غير حول مني ولا قوة)، فذلك تكون قد قدمت الشكر لواهب النعم، وربما تمر عليك نِعم عديدة لا تأخذ بالك منها، ولا تشكر الله عز وجل بالتالي عليها، ولو كنت قد شكرته سبحانه وتعالى لكنت قد شعرت بفارق شديد، فعن سيدنا ابن عباس رضي الله عنهما قال: مطر الناس على عهد النبي الأكرم صلى الله عليه وسلم، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: «أصبح من الناس شاكر ومنهم كافر، قالوا: هذه رحمة الله. وقال بعضهم: لقد صدق نوء كذا وكذا».
وهكذا كان النبي الأكرم صلى الله عليه وسلم يفعل، فعن أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها، قالت: فقدت رسول الله صلى الله عليه وسلم ليلة من الفراش فالتمسته فوقعت يدي على بطن قدميه وهو في المسجد وهما منصوبتان وهو يقول: «اللهم إني أعوذ برضاك من سخطك، وبمعافاتك من عقوبتك، وأعوذ بك منك لا أحصي ثناءً عليك، أنت كما أثنيت على نفسك»، انظر فهذا حال منا غفر الله له ما تقدم من ذنبه وما تأخر، فما بالنا نحن؟!.