كثير من الناس للأسف تراه يتابع الناس، فإذا رآهم يفعلون الشر، برر لنفسه الوقوع فيه، تحت مظلة الجميع يفعل ذلك، (اشمعنى أنا)، وهنا تكون الطامة الكبرى، إذ أنه يأتي الله عاصٍ تابع، لم يستحدث الحرام ولم يمش فيه إلا ليكرر ما يفعله الناس وفقط، فأين هذا من شخصيته المستقلة.
وأين هذا ممن عاش بين أناس كانوا جميعهم (كفارًا)، إلا أنهم قاوموا الشرك، وآمنوا بما نزل على محمد صلى الله عليه وسلم، لأنهم علموا أنه الحق من ربهم، فكانت النتيجة، أن كفر الله عنهم سيئاتهم، فيا ابن آدم اعلم أنك تموت وحدك، وتدخل قبرك وحدك، وتبعث وحدك، وتحاسب وحدك، يا ابن آدم لو أن الناس كلهم أطاعوا الله عز وجل، وعصيت وحدك، لن تنفعك طاعتهم.
تأتيه فردًا
ألم تقرأ قوله تعالى: «وَكُلُّهُمْ آتِيهِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ فَرْدًا » (مريم: 95)، أوتدري معناها؟..أي كل إنسان سيأتي الله بعمله وحده، لن يساعده أو يقف بجانبه أحد مهما كان.. هناك كل إنسان لن يكون معه سوى كتابه، وهذا الكتاب هو عمله، فإما أن يصحبه إلى جنة، أو إلى نار والعياذ بالله، قال تعالى يؤكد ذلك: « يَوْمَ يَفِرُّ الْمَرْءُ مِنْ أَخِيهِ (34) وَأُمِّهِ وَأَبِيهِ (35) وَصَاحِبَتِهِ وَبَنِيهِ (36) لِكُلِّ امْرِئٍ مِّنْهُمْ يَوْمَئِذٍ شَأْنٌ يُغْنِيهِ» (عبس 37)،.
تخيل المرء سيفر من أمه وأبيه ومن كل الدنيا، لأن الأمر جلل، ولن يفكر سوى بنفسه للنجاة بها وفقط.. وبالتالي لن تنفعك أبدًا عزيزي المسلم، تبريراتك من أن الناس كانوا يفعلون كذا ومشيت ورائهم.. فراجع نفسك واعلم أن الله يراقبك في كل كبيرة وصغيرة، فالمرء المسلم إذا فطن إلى تلك المحاسبة الفردية، علم أنه ليس من البشر أحد أحن ولا أرأف بنفسه من نفسه، وعلم أنه لا بد له من أن يبذل ويتحرك - وفقًا لأوامر الله - لكي ينجو، ويسعد في الدنيا والآخرة.
اقرأ أيضا:
سنة نبوية مهجورة .. من حرص علي إحيائها قربه الله من الجنةلا تكن إمعة
لا تكن إمعة، إذ ضل الناس ضللت، وإذا تابوا تقول إني تبت، واعلم أن الإمعة من صفات المنافقين؛ قال تعالى: « وَإِذَا لَقُوا الَّذِينَ آمَنُوا قَالُوا آمَنَّا وَإِذَا خَلَوْا إِلَى شَيَاطِينِهِمْ قَالُوا إِنَّا مَعَكُمْ إِنَّمَا نَحْنُ مُسْتَهْزِئُونَ * اللَّهُ يَسْتَهْزِئُ بِهِمْ وَيَمُدُّهُمْ فِي طُغْيَانِهِمْ يَعْمَهُونَ * أُولَئِكَ الَّذِينَ اشْتَرَوُا الضَّلَالَةَ بِالْهُدَى فَمَا رَبِحَتْ تِجَارَتُهُمْ وَمَا كَانُوا مُهْتَدِينَ » (البقرة: 14 - 16).
وها هو نبي الله موسى عليه السلام يوبخ قومه حينما اتبعوا السامري، وحينما طالبوا بأصنام يعبدونها، فرد نبي الله موسى عليهم؛ في قوله تعالى: « وَجَاوَزْنَا بِبَنِي إِسْرَائِيلَ الْبَحْرَ فَأَتَوْا عَلَى قَوْمٍ يَعْكُفُونَ عَلَى أَصْنَامٍ لَهُمْ قَالُوا يَا مُوسَى اجْعَلْ لَنَا إِلَهًا كَمَا لَهُمْ آلِهَةٌ قَالَ إِنَّكُمْ قَوْمٌ تَجْهَلُونَ * إِنَّ هَؤُلَاءِ مُتَبَّرٌ مَا هُمْ فِيهِ وَبَاطِلٌ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ * قَالَ أَغَيْرَ اللَّهِ أَبْغِيكُمْ إِلَهًا وَهُوَ فَضَّلَكُمْ عَلَى الْعَالَمِينَ » (الأعراف: 138 - 140).