لا أحد على الإطلاق يرضى بالذل، لكن ماذا لو كان هذا الذل هو الشرف بعينه؟.. بالتأكيد الأمر غريب، لكن ما يعرف سببه يبطل عجبه، وبالتالي فإن الذل المقصود إنما هو الذل لله، وهو الفلاح الأكبر، والذل لله، يأتي لكون العبد متمسكًا بدينه، ورابطًا عليه مهما كانت الأسباب والظروف والصعوبات والضغوط.
عن أنس رضي الله عنه: أن النبي الأكرم صلى الله عليه وسلم قال: «يأتي على الناس زمان يكون المؤمن فيه أذل من شاته»، وعن ابن مسعود رضي الله عنه: «يأتي على الناس زمان.. المؤمن فيه أذل من الأمة، أكيسهم الذي يروغ بدينه روغان الثعلب».
فإن كنت تشعر بأنك ضعيف وسط من يهاجم الدين أو يتآمر عليه، فأنت الأقوى بالله، والله يعلم ولن يتركك أبدًا.
علامة الإيمان
لا ضرر أن يؤدي المؤمن عبادته في الخفاء، وألا يظهر مدى قوة إيمانه بعيدًا عن التطرف، وإنما التمسك بتلابيب الدين وشعائره، من إقامة الصلاة، وتقديم الصدقات والزكاة، وصوم رمضان، وحج البيت، حتى لو كان العالم كله يمتنع عن ذلك، وإن كنا بدون شك لم نصل إلى هذه الدرجة.
لكن للمؤمن علامات أخرى بدون شك، ومنها (قيام الليل، والإحساس بما يعيش فيه المسلمين من بلاءات وصعوبات في شتى أنحاء العالم، فضلا عن أنه لو كان العالم كله مشغولاً بأمور لاهية فقلب المؤمن مشغول دائمًا بالله عز وجل، لأنه موصول به طوال الوقت، يسبح ويذكر الله، ولا يمل ولا ينىسى، ولا تأخذه شهوات الدنيا وزينتها وزخرفها، لأنه يعلم الحقيقة، وهي أن الدنيا زائلة، وأن كل ما بها زائل، وبالتالي لا تستحق كل هذا الاهتمام.
عن جابر رضي الله عنه؛ قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «يأتي على الناس زمان يستخفي المؤمن فيهم كما يستخفي المنافق فيكم اليوم».
اقرأ أيضا:
قال له أوصني يا رسول الله.. فماذا قال له.. تعرف على تفاصيله الهدية النبويةالأمر بالمعروف
من علامات الساعة، قلة الأمر بالمعروف، فإن كنت تستطيع النصح فانصح، وإن لم تستطع فيكفي أن قلبك حي بذكر الله، لم يمت كما ماتت قلوب أخرى كثر، وشغلتها الدنيا وأهوائها وزينتها.
عن حذيفة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «من اقتراب الساعة قلة الأمر بالمعروف وتحلية المصاحف وتطويل المنابر»، فإياك أن يفتن قلبك بما يحدث من حولك من زينة وتفاخر، وامسك على دينك ولو كان من الأمر من جمر.
إذ يقول رسول الله صلى الله عليه وسلم: «يأتي زمان على أمتي القابض على دينه كالقابض على جمرة من النار»، ومعناه: أنه يأتي عليه من البلايا والمحن والفتن التي تؤذيه وتضره، ما يكون فيها معها كالقابض على الجمر، من شدة صبره على دينه وعلى إيمانه وثباته عليه.