نتمنى لو أن تنتهي الخلافات بين الناس، ويحلّ السلام بين كافة المسلمين في شتى بقاع الأرض، ولكن كيف ذلك؟.. ببساطة علينا أن نفهم جيدًا قوله تعالى: «وَقُل لِّعِبَادِي يَقُولُوا الَّتِي هِيَ أَحْسَنُ ۚ إِنَّ الشَّيْطَانَ يَنزَغُ بَيْنَهُمْ ۚ إِنَّ الشَّيْطَانَ كَانَ لِلْإِنسَانِ عَدُوًّا مُّبِينًا» (الإسراء 53)،.
إذ يأمر المولى عز وجل رسوله الأكرم صلى الله عليه وسلم، أن يأمر بدوره عباد الله المؤمنين، بأن يقولوا في حواراتهم وخطاباتهم، الكلام الأحسن والكلمة الطيبة، فإنه إذ لم يفعلوا ذلك، نزغ الشيطان بينهم، وأخرج الكلام إلى الفعل السيء، ووقع الشر والخصام بينهم، وبالتالي فإن الكلمة الطيبة لها مفعول السحر، لأنها تبث الحب والانتماء بين الناس.
قال تعالى: «أَلَمْ تَرَ كَيْفَ ضَرَبَ اللَّهُ مَثَلًا كَلِمَةً طَيِّبَةً كَشَجَرَةٍ طَيِّبَةٍ أَصْلُهَا ثَابِتٌ وَفَرْعُهَا فِي السَّمَاءِ * تُؤْتِي أُكُلَهَا كُلَّ حِينٍ بِإِذْنِ رَبِّهَا وَيَضْرِبُ اللّهُ الأَمْثَالَ لِلنَّاسِ لَعَلَّهُمْ يَتَذَكَّرُونَ * وَمَثلُ كَلِمَةٍ خَبِيثَةٍ كَشَجَرَةٍ خَبِيثَةٍ اجْتُثَّتْ مِن فَوْقِ الأَرْضِ مَا لَهَا مِن قَرَارٍ » (إبراهيم: 24-26).
الرد المناسب
قد يقول قائل: كثير من الناس يتفوهون بكلام مستفز، يجعل المرء يخرج عن شعوره، وهو ما يزيد حدة الخلافات والخصومات بين الناس، ولهؤلاء نقول، وماذا لو كان الرد بنية الخوف من الله تعالى، بالتأكيد سيكون أفضل.
إذ يروى أن يهودياً مر بإبراهيم بن أدهم رحمه الله، فأراد ذلك اليهودي أن يستفز إبراهيم، فقال له: يا إبراهيم، ألحيتك أطهر من ذنب الكلب، أم ذنب الكلب أطهر من لحيتك؟! فقال إبراهيم: إن كانت في الجنة فهي أطهر من ذنب الكلب، وإن كانت في النار فذنب الكلب أطهر منها. فلما سمع اليهودي هذا الجواب الحليم من المؤمن الكريم قال: أشهد أن لا إله إلا الله وأشهد أن محمداً رسول الله.
اقرأ أيضا:
كيف يكشف الشح عوراتك أمام الأخرين؟ثمرة طيبة
الكلمة الطيبة إنما هي ثمرة طيبة، تخرج من نفس طيبة، وزهرة حسنة تقطفها يد كريمة من حديقة قلب معمور بالطيب وروائح الحب السليم، وهي لاشك عنوان المتكلم ودليله، وجماله الظاهر، وعطره الفواح، ومفتاحه إلى القلوب والأرواح، وسفيره الذي يصعد إلى السماء ليجد حسن الجزاء.
والكلمة الطيبة هي أيضًا جواب حسن، ورد لطيف على القريب والبعيد، والصديق والعدو. فالمؤمن طيب ولا يتكلم إلا بطيب الكلام. قال تعالى: « الْخَبِيثَاتُ لِلْخَبِيثِينَ وَالْخَبِيثُونَ لِلْخَبِيثَاتِ وَالطَّيِّبَاتُ لِلطَّيِّبِينَ وَالطَّيِّبُونَ لِلطَّيِّبَاتِ أُوْلَئِكَ مُبَرَّؤُونَ مِمَّا يَقُولُونَ لَهُم مَّغْفِرَةٌ وَرِزْقٌ كَرِيمٌ » (النور: 26).