من علامات طهارة القلب وحُسن السريرة، «سرعة الرضا وقبول الأعذار ولو كانت في غير محلها»، فهكذا المؤمن دائمًا ما يكون (هيّن ليّن إذا اُسترضِيَ رضِي بأدنى ما يكون).

في الصحيحين من حديث أبي أيوب الأنصاري رضي الله عنه أن النبي الأكرم صلى الله عليه وسلم قال: «لا يحل لمسلم أن يهجر أخاه فوق ثلاث، يلتقيان فيصد هذا ويصد هذا، وخيرهما الذي يبدأ بالسلام»، وبالتالي الأفضلية لهذا الذي يملك قلبًا نقيًا، ينام وليس في قلبه شيء لأحد على الإطلاق، ويصحو على الدعاء لكل الناس، القريب والبعيد، ولا يتمنى إلا الخير لغيره، ولا ينظر لما في أيدي غيره، ولا يحقد ولا يحسد، فطوبى لهؤلاء، فالداعي إلى الله مطالب باللين معهم والبر بهم؛ قال تعالى: « وَأَحْسِنُوا إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ » (البقرة: 195).

من أهل الجنة

طهارة القلب ولين الحديث، من أهم أسباب دخول الجنة، إذ أن عبدالله بن عمرو بن العاص، يروي أنه دخل يومًا رجلا المسجد فقال عنه رسول الله صلى الله عليه وسلم، إنه من أهل الجنة، وتكرر هذا الأمر لثلاث أيام، وفي اليوم الأخير، طلب منه عمرو بن العاص أن يبيت عنده، فوافق الرجل، فلم يجده يفعل الكثير من الطاعات كقيام الليل والتسبيح مثلهم، رغم أن رسول الله صلى الله عليه وسلم، بذاته، اعتبره من أهل الجنة، فسأله عما يفعله لكي يفعل مثله بعد أن كشف له عن أمره، فقال له الرجل: «ما هو إلا ما رأيتَ، غير أني لا أَجِدُ في نفسي على أحدٍ من المسلمين غشًّا، ولا أحسدُه على ما أعطاه الله إيَّاه»، فقال عبدالله: «هذه التي بلغَتْ بك هي التي لا نطيق».

اقرأ أيضا:

الأمن من مكر الله له عقوبات دنيوية وأخروية هذه أشهرها

الأجر من الله

من يعفو فإنما أجره على الله، فتخيل أن تأخذ أجرك من الله أكرم الأكرمين، ومالك الكون كله، مؤكد لن يعطيك إلا فوق كل تخيلاتك، قال تعالى: «فَمَنْ عَفَا وَأَصْلَحَ فَأَجْرُهُ عَلَى اللَّهِ» (الشروى: 40)، ومن ثمّ فاحذر من مغبة التقاطع والهجران.

فقد قال النبي الأكرم صلى الله عليه وسلم: «تفتح أبواب الجنة كل يوم اثنين وخميس، فيغفر لكل عبد لا يشرك بالله شيئاً إلى من بينه وبين أخيه شحناء، فيقال انظروا هذين حتى يصطلحا»، فاللين ظاهرة سلوكية تنبع عن قلب لين ، وقد عاتب ربنا وعز وجل الصحابة الكرام رضوان الله عليهم حين رأى منهم تغيرا في القلوب ، يقول الله تعالى : «أَلَمْ يَأْنِ لِلَّذِينَ آمَنُوا أَنْ تَخْشَعَ قُلُوبُهُمْ لِذِكْرِ اللَّهِ وَمَا نَزَلَ مِنَ الْحَقِّ وَلا يَكُونُوا كَالَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ مِنْ قَبْلُ فَطَالَ عَلَيْهِمُ الْأَمَدُ فَقَسَتْ قُلُوبُهُمْ وَكَثِيرٌ مِنْهُمْ فَاسِقُونَ» (الحديد:16).