خلق الله الإنسان وكرمه على سائر خلقه وأمده بما يلزمه من مقومات العبادة التى تساعده وفى الوقت نفسه حذره من الوقوع فى المعاصر لا سيما أمراض القلوب وأخطرها العجب والتكبر.
خطر العجب:
وقد وردت أحاديث كثيرة تبين خطر العجب والتكبر منها قوله صلى الله عليه وسلم: المتكثر بما ليس عنده ملابس ثوبي زور".
وبتتبع ما ورد فى شرح هذا الحديث ما قاله النووى رحمه الله بأن يظهر أن عنده ما ليس عنده يتكثر بذلك عند الناس ويتزين بالباطل فهو مذموم كما يذم من لبس ثوبي زور قال أبو عبيد وآخرون هو الذي يلبس ثياب أهل الزهد والعبادة والورع ومقصوده أن يظهر الناس أنه متصف بتلك الصفة ويظهر من التخشع والزهد أكثر مما في قلبه فهذه ثياب زور ورياء، وقيل هو كمن لبس ثوبين لغيره وأوهم أنهما له، وقيل هو من يلبس قميصاً واحداً ويصل بكميه كمين آخرين فيظهر أن عليه قميصين، وحكى الخطابي قولاً آخر أن المراد هنا بالثوب الحالة والمذهب والعرب تكنى بالثوب عن حال لابسه ومعناه أنه كالكاذب القائل ما لم يكن، وقولاً آخر أن المراد الرجل الذي تطلب منه شهادة زور فيلبس ثوبين يتجمل بهما فلا ترد شهادته لحسن هيئته.
المتزين بالزور:
كما ورد فى شرح الحديث قول ابن حجر في الفتح: قوله المتشبع أي المتزين بما ليس عنده يتكثر بذلك ويتزين بالباطل كالمرأة تكون عند الرجل ولها ضرة فتدعى من الحظوة عند زوجها أكثر مما عنده تريد بذلك غيظ ضرتها، وكذلك هذا في الرجال قال: وأما قوله: كلابس ثوبي زور فإنه الرجل يلبس الثياب المشبهة لثياب الزهاد يوهم أنه منهم ويظهر من التخشع والتقشف أكثر مما في قلبه منه قال وفيه وجه آخر أن يكون المراد بالثياب الأنفس كقولهم فلان نقي الثوب إذا كان بريئاً من الدنس وفلان دنس الثوب إذا كان مغموصاً عليه في دينه، وقال الخطابي: الثوب مثل ومعناه أنه صاحب زور وكذب، كما يقال لمن وصف بالبراءة من الأدناس طاهر الثوب والمراد به نفس الرجل، وقال أبو سعيد الضرير: المراد به أن شاهد الزور قد يستعير ثوبين يتجمل بهما ليوهم أنه مقبول الشهادة.