قال تعالى في سورة البقرة: ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا اسْتَعِينُوا بِالصَّبْرِ وَالصَّلَاةِ إِنَّ اللَّهَ مَعَ الصَّابِرِينَ ﴾ [سورة البقرة: 153].
يستيقظ المسلم كل يوم على ارتفاع جديد في الأسعار، وانتشار للأوبئة والأمراض والفيروسات القاتلة وما بين المرض والفقر والبطالة، تستمر دوامة الإحباط واليأس، نظرا لما يمر بنا من ظروف معيشية صعبة، فيبحث الإنسان عما يجدد به عزيمته، ويخلق الرغبة في استمرار الحياة، ويفتش من خلاله على مكامن القوة التي تؤهله للانتصار على هذا الاختبار الصعب في الحياة الدنيا.
ومع رحلة البحث الدائمة، لا نجد معينا لنا غير الله سبحانه وتعالى، فندعوه ونرجوه، ونصلي إليه آملين أن ينجينا من هذا البلاء، قال تعالى: ﴿ إِيَّاكَ نَعْبُدُ وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ ﴾ [الفاتحة: 5][1] ؛ أي: لا نعبد إلا إياك ولا نستعين إلا بك، ونبرأ من كل معبود دونك ومن عابديه، ونبرأ من الحول والقوة إلا بك، فلا حَوْلَ لأحد عن معصيتك ولا قوة على طاعتك إلا بتوفيقك ومعونتك.
ومع الاستعانة بالله يأتي الصبر، كمصدر القوة الوحيدة التي نثق في نتائجها تعلقا بالله عز وجل، والصبر سلوك الأنبياء عند التماس الفرج وفك الكرب، قال يعقوب عندما التمس عودة ابنه يوسف: ﴿ فَصَبْرٌ جَمِيلٌ وَاللَّهُ الْمُسْتَعَانُ عَلَى مَا تَصِفُونَ ﴾ .
وقال النبي صلى الله عليه وسلم لابن عمه عبدالله بن عباس رضى الله عنهما: (إذا سألتَ فاسْألِ اللهَ، وإذا اسْتَعَنْتَ فاسْتَعِن باللهِ )، وقال في دعائه: (اللَّهُمَ أعِنِّى عَلَى ذِكْرِكَ وشُكْرِكَ وحُسْنِ عِبادَتِكَ ).
والصبر على طاعة الله تعالى هو وصية الله إلى خلقه؛ قال تعالى: ﴿ فَاعْبُدْهُ وَاصْطَبِرْ لِعِبَادَتِهِ ﴾ [مريم: 65]، والصبر لا يفيد شيئًا إذا لم يقترن بالتقوى؛ سواء كان في مجابهة النفس، أو مجابهة الأعداء؛ قال تعالى: ﴿ وَإِنْ تَصْبِرُوا وَتَتَّقُوا لَا يَضُرُّكُمْ كَيْدُهُمْ شَيْئًا ﴾ [آل عمران: 120].
اظهار أخبار متعلقة
زاد من الصبر
والمؤمن يحتاج إلى زاد من الصبر للوقوف عند حدود الله؛ قال تعالى: ﴿ إِنَّهُ مَنْ يَتَّقِ وَيَصْبِرْ فَإِنَّ اللَّهَ لَا يُضِيعُ أَجْرَ الْمُحْسِنِينَ ﴾ [يوسف: 90][13].
والصبر على المصائب يعني التسليم لأمر الله، والخضوع لقضاء الله وقدره؛ ومن الصبر على المصائب كذلك: الصبر على المرض والمِحَن، وهو مُكَفِّر للذنوب، وللجنة ثَمَن مُقَدَّمُه الصبر في جميع الحالات؛ قال تعالى: ﴿ وَجَزَاهُمْ بِمَا صَبَرُوا جَنَّةً وَحَرِيرًا ﴾ [الإنسان: 12].
فالصبر أجود ما يُستعان به على تحمُّل المصائب والقلق، وضِيق الصدر.
والصلاة هي طلب الرحمة والصلة بالرحمن، قال تعالى: ﴿ وَصَلِّ عَلَيْهِمْ إِنَّ صَلَاتَكَ سَكَنٌ لَهُمْ ﴾ [التوبة: 103].
فالصلاة هي الركن الثاني من أركان الإسلام بعد الشهادتين، وهي ليست مجموعة من الطقوس والحركات نؤديها في مواقيت محددة، ولكنها هي الصلة بالرحمن، وهي الوقود الذي نتزود منه كل يوم لنشحذ به الهمم، وهي الطمأنينة التي نطمئن بها إلى الفرج، وهي الثقة التي نثق من خلالها في موعود الله بالخير في الحياة الدنيا والأخرة.
فالصلاة كما يقول العلماء فرقانًا بين الإيمان والكفر، وناهيا عن الفحشاء والمنكر، ومغفرة للخطايا والذنوب، وإصلاح وشفاء الصدور والقلوب، وتهذيب الجوارح والنفس، و جالبة للرزق، ودافعة للظلم، وناصرة للمظلوم، وقامِعَة للشهوات، وحافظة للنعمة، ودافِعَة للنقمة، ومُنْزِلَة للرَّحْمَة، وكاشِفَة للغُّمَّة، ودافِعَة لأدْواء القلوب والأجساد.
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لأبي هريرة رضى الله عنه: (قُمْ فَصَلِّ فإنَّ في الصَّلاةِ شِفاءً).
لذلك دل الله عز وجل من خلال آياته في سورة البقرة على ما يوجب الفرج ويفك الكرب، بالاستعانة بالصبر والصلاة، فقال تعالى: ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اسْتَعِينُوا بِالصَّبْرِ وَالصَّلَاةِ .... ﴾ [البقرة: 153].