دار الإفتاء المصرية ردت علي هذا التساؤل بالقول :يجب اتباع التقويم الذي تصدره هيئة المساحة المصرية في تحديد أوقات الصلوات؛ لأنه تقويم صحيح ثابِتٌ بإقرارِ المُتخصِّصين، ولا يجوز بحالٍ تجاهل العمل بهذه الأوقات المحددة من قِبل أهل الاختصاص؛ لأنها تحدد أوقات العبادات، وتُبنَى عليها أحكامها، ويجب نبذ الآراء التي تفرق صفوف الأمة، ولم تُبنَ على علمٍ أو أصلٍ صحيح.
التفاصيل قالت الدار من المقرر شرعًا أن كافة الأمور العلمية يُرجَع فيها إلى أهل العلم والاختصاص بها، وهم أهل الذكر الذين سمى الله تعالى في كتابه الكريم وأَمَر بالرجوع إليهم في قوله تعالى: ﴿فَاسْأَلُوا أَهْلَ الذِّكْرِ إِنْ كُنْتُمْ لَا تَعْلَمُونَ﴾ [النحل: 43].
ومن المقرر شرعًا أن لكل صلاة وقتًا ضبطه الشرع الشريف؛ من قول النبي صلى الله عليه وآله وسلم وفعله، وفهِمَه الفقهاء فعيَّنوه في كتبهم وفَصَّلوا القول في ذكر علاماته وفي
ونبهت الدار إلي أن علماء الفلك والمختصون في المواقيت فهموا هذه العلامات والمعايير الشرعية فَهمًا دقيقًا، ووضعوها في الاعتبار، وضبطوها بمعايير العصر الفلكية، ووقَّتوها به توقيتًا دقيقًا.
وأشارت الدار إلي أن التوقيتُ الحاليُّ صحيحٌ يَجبُ الأخذُ به؛ لأنه ثابِتٌ بإقرارِ المُتخصِّصين، وهو ما استَقَرَّت عليه اللِّجانُ العِلمية، ولا ينبغي إثارةُ أمثالِ هذه المسائلِ إلَّا من المتخصِّصين في الغُرَفِ العِـلميةِ المُغلَقةِ التي يَخرجُ بَعدَها أهلُ الذِّكر فيها؛ مِن الفَلَكِيِّين وعلمـاءِ الجيوديسيا بقرارٍ مُوَحَّدٍ يَسِيرُ عليه الناسُ؛ لقول الله تعالى: ﴿وَلَوْ رَدُّوهُ إِلَى الرَّسُولِ وَإِلَى أُولِي الْأَمْرِ مِنْهُمْ لَعَلِمَهُ الَّذِينَ يَسْتَنْبِطُونَهُ مِنْهُمْ﴾ [النساء: 83]، وما لم يَحصُل ذلك فالأصلُ بَقاءُ ما كان على ما كان؛
وبررت الإفتاء ذلك لأنَّ أمرَ العباداتِ الجماعيةِ المُشتَرَكةِ في الإسلام مَبنِيٌّ على إقرارِ النِّظامِ العامِّ بِجَمْعِ كَلِمَةِ المسلمين ورَفْضِ التناوُلَاتِ الانفِرادِيَّةِ العَشْوَائيَّةِ للشَّعَائرِ العامَّة، وفي مِثلِ ذلك يقول المصطفى صلى الله عليه وآله وسلم: «الْفِطْرُ يَوْمَ يُفْطِرُ النَّاسُ وَالأَضْحَى يَوْمَ يُضَحِّي النَّاسُ» أخرجه الترمذي وصَحَّحَه مِن حديث أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها.
لفتت الدار إلي أنه لا يجوز بحالٍ تجاهل العمل بهذه الأوقات المحددة من قِبل أهل الاختصاص؛ لأنها تحدد أوقات العبادات، وتُبنَى عليها أحكامها، ومن المقرر شرعًا أن دخول وقت الصلاة شرطٌ من شروط إقامتها، ودخولَ وقت الفجر موجبٌ للإمساك في الصيام، ويُحتاج كذلك إلى ضبط أوقات الصلوات لبناء كثيرٍ من أحكام الشريعة عليها؛ كما في الزكاة والحج وأحكام المعاملات والطلاق والعدة والنكاح، وغير ذلك.
واستدركت الدار إلي القول :كما أن دعوى الخطأ في تحديد الفلكيين وعلمـاءِ الجيوديسيا لوقت الفجر هي مجرد دعوى لا دليل عليها ولم تُبْنَ على علمٍ شرعيٍّ أو كَوْنيٍّ صحيح، وهي افتئاتٌ على أهل الاختصاص وأولي الأمر، وشقٌّ لاجتماع المسلمين على ما ارتضاه الله لهم من الالتفاف حول أهل الاختصاص والأخذ بما صوَّبوه، فلا يجوز القول بها، ولا نشرها في الناس.
ولفتت الدار إلي أن الخطأ بتناول المفطرات بعد دخول وقت الفجر مُؤثِّرٌ في الصيام؛ فإذا لم يمسك الصائم عن المفطرات مع دخول وقت الفجر فسد صومه، ومن أكل بعد الفجر ظانًّا عدم طلوعه أو أكل قبل غروب الشمس ظانًّا غروبها ثم تبيَّن له خطؤه فعليه القضاء كما هو مذهب جمهور الفقهاء؛ لأنه لا عبرة بالظن البيِّن خطؤه.
وقد أخرج الإمام البيهقي في "السنن الكبرى" (4/ 368، ط. دار الكتب العلمية) عن شعيب بن عمرو بن سليم الأنصاري قال: أفطرنا مع صهيب الحَبْرِ أنا وأبي في شهر رمضان في يوم غيمٍ وطش، فبينا نحن نتعشى إذ طلعت الشمس، فقال صهيب: طُعْمَةُ اللهِ؛ أَتِمُّوا صِيَامَكُمْ إِلَى اللَّيْلِ، وَاقْضُوا يَوْمًا مَكَانَهُ.
وخلصت الدار في نهاية الفتوي للقول : يجب اتباع التقويم الذي تصدره هيئة المساحة المصرية في تحديد أوقات الصلوات، ونبذ الآراء التي تفرق صفوف الأمة، والتي لم تُبنَ على علمٍ أو أصلٍ صحيح