للسعادة أسرار لاشك، لكن لا يصل إليها إلا من علم طريقها وفكّ شفرتها، والمسلم هو الأقرب إلى الوصول إلى السعادة وفك شفرتها، لأنه على علم بطرق الوصول إليها، إذ أن هذه الطرق تتمثل في: "إلقاء السلام، وأن يردد مع الآذان ؛ وأن يحافظ على الصلاة, وأن يبتسم للناس ؛ وأن يحفظ شيئاً من سور القرآن الكريم, وأن يسعد والديه ؛ وأن يتصدق , وأن يسبِح , وأن يستغفر , ويكبر الله, ويصوم رمضان وفي خلاف رمضان"، فمن فعل هذه الإحدى عشر وصل لاشك إلى السعادة المتناهية، ذلك أنه تعلق قلبه بالله في كل كبيرة وصغيرة، فلا يمكن له إلا أن يمنحه الله عز وجل كل سعادة ممكنة.
قال تعالى: «مَنْ عَمِلَ صَالِحًا مِنْ ذَكَرٍ أَوْ أُنْثَى وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَلَنُحْيِيَنَّهُ حَيَاةً طَيِّبَةً وَلَنَجْزِيَنَّهُمْ أَجْرَهُمْ بِأَحْسَنِ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ» (النحل: 97).
السعادة المطلقة
ليس من صعوبة في الوصول إلى السعادة المطلقة، فقط أن يسلم المرء نفسه لله تعالى، راضيًا بقضائه مهما كان، ومطلقًا نفسه في ذكر الله ليل نهار، لا تمر لحظة واحدة إلا ولسانه عامرًا بالذكر، إما بصلاة أو تسبيح، أو قول حسن، أو إصلاح بين الناس، أو ترديد بعض الآيات من القرآن الكريم، أو الوقوف على طاعة الوالدين، أو إخراج الصدقة.
وقد عرَف أبو هريرة رضي الله عنه، السعادة عندما لازم خير الخلق، وحبيب الحق، محمدًا صلى الله عليه وسلم، ومما رواه عنه في ذلك: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «لأنْ أقولَ: سبحان الله، والحمد لله، ولا إله إلا الله، والله أكبر، أحبُّ إليَّ مما طلعت عليه الشمس»، وانظر إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم الذي يترك الدنيا وزينتها وكل شيء، وفقط يرى السعادة في ذكر الله.. فأين نحن من ذلك؟.
اقرأ أيضا:
كيف تعرف أنك من المحسنين.. هذه أهم العلاماتالبحث عن السعادة
فيا من ضيعت عمرًا طويلاً في البحث عن السعادة وهي بين يديك، فمن الناس من يتوهم بأن السعادة والفلاح تكمن في السبق في مجالات التقدم المادي، والتحضر العصري، وصرفوا لها جل اهتمامهم، وفاضل أوقاتهم، وزعموا أن هذه الأشياء هي الضالة المنشودة، وهي السبيل على القوة والعزة والطمأنينة والأمان، ولم يدركوا أنها كانت سبباً في هلاك أمم سابقة، وقرون ماضية، بل وشقاء أمم حاضرة.
وصدق الله عز وجل، إذ يقول في محكم التنزيل: «فَمَنِ اتَّبَعَ هُدَايَ فَلَا يَضِلُّ وَلَا يَشْقَى * وَمَنْ أَعْرَضَ عَن ذِكْرِي فَإِنَّ لَهُ مَعِيشَةً ضَنكًا وَنَحْشُرُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ أَعْمَى * قَالَ رَبِّ لِمَ حَشَرْتَنِي أَعْمَى وَقَدْ كُنتُ بَصِيرًا * قَالَ كَذَلِكَ أَتَتْكَ آيَاتُنَا فَنَسِيتَهَا وَكَذَلِكَ الْيَوْمَ تُنسَى» (طـه: 123 - 126).