يرتبط شهر رمضان لدى قطاع كبير من الناس بالحلويات والسكريات، والإفراط في تناولها، حيث يبدأ الصائم في كسر صومه بعد آذان المغرب بتناول كميات كبيرة من العصائر الطبيعية والمحلاة والتمر الهندي والشعير والمياه الغازية، ثم يفطر، وتبدأ معاركه مع صواني الكنافة والبسبوسة وأطباق القطائف، والفاكهة، فعادة ما يتم ربط الاستهلاك المفرط للسكر بتسوس الأسنان، السمنة ومرض السكري.
غير أن دراسة حديثة كشفت عن وجود صلة بين هذه المادة والعديد من الأمراض الخطيرة الأخرى، منها أمراض المناعة الذاتية.
وبحسب الإذاعة ألمانية "دويتش فيله"، يعرف الكثير من الناس أن الاستهلاك المرتفع للسكر غالباً ما يسبب تسوس الأسنان، ويؤدي إلى السمنة، وبالتالي يرفع خطر الإصابة بمرض السكري عند البالغين". لكن المثير للقلق، أنه منذ 50 عاماً كان مرض السكري من النوع الثاني محدود الانتشار، بحسب تقرير للجمعية الألمانية لمرضى السكري (DDG) للعام 2020. بيد أن اليوم، يعد مرض السكري من النوع الثاني أحد أكثر الأمراض انتشاراً.
ووصل عدد المصابين بمرض السكري حالياً في دول كثيرة من بينها مصر وألمانيا إلى سبعة ملايين شخص. كما تشير بعض الدراسات الحديثة إلى وجود صلة بين الاستهلاك المفرط للسكر والعديد من الأمراض الأخرى - بما في ذلك أمراض المناعة الذاتية.
وعادة ما تنتشر الالتهابات بصورة غير مرئية و خبيثة في الجسم، مما يؤدي إلى أمراض خطيرة، منها أمراض المناعة الذاتية.
توصل باحثون من جامعة يوليوس-ماكسيميليانس-فورتسبورج (JMU) إلى أن الاستهلاك العالي للسكر قد يؤدي إلى تعزيز العمليات الالتهابية في جسم الإنسان وبالتالي تعزيز تطور أمراض المناعة الذاتية، حسب ما جاء في الموقع الطبي الألماني Heilpraxis.
وكشف بيان حديث صادر عن الجامعة، أن الأشخاص الذين يستهلكون كميات كبيرة من السكر والكربوهيدرات الأخرى على مدى فترة طويلة من الزمن معرضون بشكل متزايد لخطر الإصابة بأمراض المناعة الذاتية. في هذه الحالة يهاجم جهاز المناعة نفسه، مما قد يؤدي إلى إصابة الجسم بمجموعة من الأمراض الخطيرة، منها أمراض الأمعاء الالتهابية المزمنة مثل مرض كرون، وهو نوع من أمراض الأمعاء الالتهابية. بالإضافة إلى أمراض عديدة أخرى، مثل التهاب القولون التقرحي ومرض السكري من النوع الأول والتهاب الغدة الدرقية المزمن.
اقرأ أيضا:
أفضل وقت لتناول وجبة الإفطار.. يساعدك على إنقاص الوزن والعيش لفترة أطولتقول الدراسة إنها هي عملية معقدة للغاية. وقد عكف فريق الباحثين على دراسة كيفية تحفيز السكر للالتهابات بالجسم، ونجحوا الآن في فك شفرة تفاصيل جديدة لهذه العملية ونُشرت نتائجها في مجلة "Cell Metabolism."
وتضيف أن الخلايا المناعية تحتاج إلى كميات كبيرة من السكر على شكل "جلوكوز" حتى تتمكن من أداء مهامها. بمساعدة ناقلات متخصصة موجودة في غشاء الخلية، تمكنها من امتصاص السكر"، كما يوضح د. مارتن فات، المشرف على الدراسة.
بالتعاون مع فريقه ، تمكن الباحث الآن من إظهار أن ناقل "جلوكوز معين"، والمعروف علمياً باسم (GLUT3) في الخلايا التائية يؤدي وظائف التمثيل الغذائي الأخرى بالإضافة إلى إنتاج الطاقة من السكر.
ركز الباحثون في دراستهم على مجموعة من الخلايا في جهاز المناعة لم تكن معروفة منذ فترة طويلة: الخلايا التائية المساعدة من نوع 17، والمعروفة أيضاً باسم الخلايا الليمفاوية ( Th17). يعتقد أنها تلعب دوراً مهماً في تنظيم العمليات الالتهابية.
ويقول فات: "تحمل خلايا (Th17) الكثير من بروتينات ( GLUT3 ) على سطحها الخلوي". تقوم هذه الخلايا بتحويل "الغلوكوز" المبتلع إلى حمض الستريك. يتم تحويل هذا بدوره في بلازما الخلية إلى "أسيتيل مرافق الإنزيم-أ"، وهو ما يعد مادة أولية تساعد في تخليق المواد الدهنية.
ووفقًا للخبراء، فإن "إعادة البرمجة الأيضية" للخلايا التائية هي هدف جديد ومحدد لعلاج أمراض المناعة الذاتية دون الحاجة إلى "إيقاف" جهاز المناعة تماماً. كما يمكن أن يكون للنظام الغذائي المقيّد بالسعرات الحرارية تأثير مفيد على الإضطرابات المناعية.