المصرية زوجة نبي وأم نبي وصارت أمّ العرب.. ماذا تعرف عن السيدة هاجر؟
بقلم |
عامر عبدالحميد |
الجمعة 25 اكتوبر 2024 - 12:05 م
كانت الفَرَما (السويس) حاليا ، وهي - بفتح الفاء والراء - المدينة العظمى التي كانت عاصمة الديار المصرية في زمن إبراهيم الخليل عليه الصلاة والسلام. ومن قرى الفَرَما قرية "أم العرب" التي منها هاجر أم إسماعيل بن الخليل عليهما السلام. ومن الاتفاق الغريب: أن إسماعيل أبو العرب، وأمه من أم العرب: القرية المذكورة.
السيدة هاجر المصرية القبطية:
السيدة هاجر أم نبي الله إسماعيل تنتمي لهذه الأمة العظيمة، أما عنصرها فهو عنصر رائع كان وما زال يخرج العديد من عظماء أمة الإسلام، إنه العنصر المصري أو القبطي. ولفظة القبط تعني سكان وادي النيل، وفي تعريب للكلمة اليونانية أيجيتيوس التي تعني مصري. وليس كما يظن البعض أن القبطي هو المسيحي أو النصراني المصري، فالغالبية العظمى من الأقباط هم أقباط مسلمون. ومن هذه الأرض بالتحديد ولدت بطلتنا القبطية التي كانت جارية في مصر إبان عهد الهكسوس، قبل أن يتزوجها إبراهيم عليه السلام لتنجب له إسماعيل عليه السلام ليكون فيما بعد أبا للعرب العدنانيين (العرب المستعربة) الذين خرج منهم أفضل مخلوق خلقه الله في الكون، محمد -صلى الله عليه وسلم-، فالمصريون إذا هم أخوال العرب.
قرار عجيب:
المهم في القصة أن الله أمر خليله إبراهيم أن يصطحب هاجر ورضيعها إسماعيل من فلسطين إلى واد غير ذي زرع في الحجاز عند جبال فاران، هناك أمر الله نبيه إبراهيم أن يترك امرأته ورضيعها ليقصد هو فلسطين راجعا، عندها سألت هاجر زوجها وعينيها تملؤها الدهشة من قرار زوجها الغريب، فلم يجب إبراهيم زوجه بشيء، فسألته هاجر: آلله أمرك بهذا؟! فهز إبراهيم رأسه بالإيجاب، وهنا يخرج جواب من فيه هذه السيدة العظيمة ليكون سببا في خلودها في ذاكرة الزمان إلى أن يرث الله الأرض ومن عليها فقالت بكل ثقة: فلن يضيعنا الله إذًا. وسر عظمة هذه المرأة يتمثل بتطبيقها لشرطي النصر: الإيمان والعمل.. فهاجر وثقت أولا بالله عز وجل، ثم قامت بعد ذلك بكل ما في استطاعتها من سعي بين الصفا والمروة لإنقاذ ابنها الرضيع الذي كان يئن من ألم الجوع والعطش، حينها علم الله أن هذه المرأة قامت بتنفيذ الشرطين اللازمين للنصر: الإيمان والعمل، وعندها -وعندها فقط- أتى الأمر الإلهي اليسير: كن! حينها خرجت من بين أقدام الطفل الذي أوشك على الهلاك عين ماء تحمل في كل قطرة من قطراتها حكاية النصر والبقاء، لتجري هذه العين بشكل إعجازي من بين الصخور الصماء في مكة إلى يومنا هذا، وكأن الله يقول لنا إن ينبوع النصر لا ينضب أبدا.
ماذا يجب علينا؟
وفي زماننا هذا وجب على كل مسلم أن يتخيل نفسه في مكان هاجر عليها السلام، وأن يتخيل أن الأمة الإسلامية الآن هي ذلك الطفل الذي يبكي ويوشك على الهلاك في تلك الصحراء القاحلة التي لا يبدو فيها أي مظهر من مظاهر الحياة، فإذا قام كل واحد منا بتنفيذ الشرطين اللازمين للنصر والبقاء "الإيمان والعمل"، فكنا مؤمنين أولا بأن أمتنا لا بد لها وأن تنهض، ثم قام كل واحد منا بواجبه لإنقاذ وإحياء هذه الأمة التي هي الرضيع الذي يئن من الألم، فلا شك وقتها أن النصر سيكون حليفنا في النهاية، حتى لو كان ما نقوم به يبدو للآخرين شيئا من العبث، فقد كانت أمنا هاجر تقوم بنفس هذا "العبث" في بحثها عن أسباب الحياة بين الصفا والمرة لسبع مرات! من أجل ذلك استحقت السيدة هاجر أن تكون من أعظم عظيمات أمة الإسلام، لتصبح هذه الجارية المصرية أما للعرب والمسلمين.