أخبار

عرض طائرات بدون طيار يحطم الرقم القياسي في موسوعة جينيس

"لحرق الدهون بسرعة".. عليك بإضافة هذا المكون إلى قهوتك

لماذا ترضى باليسير وباستطاعتك الكثير .. علو الهمة يسهل لك الصعاب وبه تدرك المعالي.. احرص عليه

حتى لا تتحول النعمة إلى غيرك.. تمسك بهذه العبادة والتمس بها الفرج دائمًا

حتى لا يعرض الله عنك.. احذر السقوط في هذا الفخ

لهذه الأسباب كشف الله العذاب عن قوم يونس ولم يكشفه عن فرعون

أعظم المكائد.. بماذا نصح ملك الروم قومه حينما طالبوه بمحاربة المسلمين؟

زملائى فى العمل يقومون بكل شئ لتدمير مستقبلى العملى وإيذائى .. ما العمل؟

قصص مؤثرة عن كثرة النوم.. ماذا حدث مع نبي الله يحيي بن زكريا؟

تعرف على آداب الضيف كما جاءت بها السنة

حكم خروج المرأة إلى المسجد متعطرة؟

بقلم | أنس محمد | الاثنين 18 ابريل 2022 - 12:53 م

ورد سؤال إلى دار الإفتاء المصرية يقول: "هل يجوز للمرأة أن تخرج إلى المسجد مُتَعَطِّرة؟ حيث جاء في بعض الأحاديث أن المرأة إذا خرجت للمسجد متعطرة فإن الله لا يقبل منها الصلاة حتى تغتسل، فما معنى ذلك؟ وهل يجب عليها الغسل؟ وهل يقتضي ذلك بطلان صلاتها ووجوب الإعادة عليها؟".

ويجيب الدكتور شوقي إبراهيم علام، مفتى الديار المصرية بأنه يجوز للمرأة وضع العطر عند ذهابها للمسجد بشرط أمن الفتنة؛ حيث جاء القرآن الكريم بأخذ الزينة عند كل مسجد سواء للرجال أو النساء، وجاءت السنة النبوية التقريرية بخروج النساء إلى الصلاة بقلائد عطرهن.

وأما أحاديثُ النهي عن خروج المرأة إلى المسجد متعطرة فالمراد بها: النهيُ عن تعطرها بالعطر النفّاذ الزائد عن الحد الذي تقصد به الشهرة، أو لفت النظر إليها؛ فإن ذلك حرام، سواء فعلت ذلك بالعطر أو بغيره من وسائل الزينة التي تلفت الأنظار، والاختلاف بين الفقهاء بين التحريم والكراهة والإباحة ليس حقيقيًّا؛ فالتحريمُ عند قصد الإغواء مع تحقق الفتنة أو ظنها، والكراهة عند خشيتها، والإباحة عند أمنها، والاستحباب عند الحاجة إلى الطيب لقطع الرائحة الكريهة ونحو ذلك.

وأما الأحاديث الواردة في عدم قبول صلاتها فإنما هي في حالة التحريم، وهي محمولةٌ على نفي الكمال لا على نفي الصحة؛ أي: أنَّ صلاتها صحيحة، لكنها غير كاملة الأجر، وكذلك الحال في أمرها بالاغتسال: إنما هو لإزالة أثر العطر النَّفَّاذ، وليس المقصودُ بذلك الجنابة الحقيقية أو رفع الحدث عن المرأة.

وجاء الأمر الإلهي بأخذ الزينة عند الصلاة في المسجد؛ قال تعالى: ﴿يَا بَنِي آدَمَ خُذُوا زِينَتَكُمْ عِنْدَ كُلِّ مَسْجِدٍ﴾ [الأعراف: 31]، وهو أمْرٌ عامٌّ لكل البشر يشمل الرجال والنساء.

ومن ذلك: التطيّبُ؛ فقد أكدت الشريعة على استحبابه في العبادات الجماعية، ومواطن الزحام وتجمع الناس؛ حتى لا يجدوا من بعضهم إلا الرائحة الطيبة؛ رجالًا كانوا أو نساءً، فإذا قصدوا مع ذلك امتثال الهدي النبوي قولًا وفعلًا فقد جمعوا بين محاسن الطِّبَاع وحسنات الاتباع.

وليسَ ذلك مقصورًا على الرجال دون النساء؛ بل هو في حقِّ النساء أولى وآكد؛ لِما جُبِلنَ عليه من حب الطيب والعطر؛ فقد أخبر الله تعالى أنه خلق المرأة مُحِبَّةً للزينة، مُنَشَّأَةً في الحلية؛ فقال سبحانه: ﴿أَوَمَنْ يُنَشَّأُ في الحِلْيَةِ وَهُوَ فِي الْخِصَامِ غَيْرُ مُبِينٍ﴾ [الزخرف: 18]؛ ولم يكن الله تعالى لينشئهن في الحلية ثم يُحَرِّمُها عليهن بالكلية.

ولذلك كان نساءُ الصحابة رضي الله عنهنَّ يلبسن "السِّخاب" عند خروجهن للعيد، وهي قلادة فيها طِيبٌ، ولم يرد أنَّ النبي صلى الله عليه وآله وسلم نهاهُنَّ عن ذلك؛ فهذه سُنّة نبوية تقريرية، وهذا يقتضي جواز خروجهن للمسجد متطيبات عند أمن الفتنة.

فبوَّب الإمام البخاري في "صحيحه" بابًا سماه: (بابَ القَلائدِ والسِّخابِ لِلنِّساءِ؛ يَعْني: قِلادَةً مِنْ طِيبٍ وسُكٍّ)، ثم روى فيه حديث عبد الله بن عباس رضي الله عنهما قال: "خرج النبي صلى الله عليه وآله وسلم يوم عيد، فصلى ركعتين، لم يصلّ قبل ولا بعد، ثم أتى النساء، فأمرهن بالصدقة، فجعلت المرأة تصدق بخرصها وسخابها".

وروى عبد الزراق في "المصنف" عن التابعي الجليل محمد بن سيرين: "أَنَّهُ كَرِهَ أَنْ تُصَلِّيَ الْمَرْأَةُ وَلَيْسَ فِي عُنُقِهَا قِلَادَةٌ".

و"السِّخَاب": قلادة تتخذ من قرنفل وسُكٍّ ومحلبٍ؛  وهو من "طيب الأعراب".

والسُّكُّ هذا هو الطيب الذي كانت تضعه نساء النبي صلى الله عليه وآله وسلم والصحابيات رضي الله عنهن عند الإحرام فلا ينهاهن النبي صلى الله عليه وآله وسلم، وهو شاهد لتطيبهن عند أمن الفتنة.

فعن أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها قالت: "كنا نَخْرُجُ مع النبيَّ صلى الله عليه وآله وسلم إلى مكة فنُضمِّدُ جباهنَا بالسُّكِّ الـمُطَيَّبِ عندَ الإحرام، فإذا عَرِقَت إحدانا سالَ على وجهها، فيراه النبي صلَّى الله عليه وآله وسلم فلا ينهاها" أخرجه الإمام أحمد وأبو يعلى في "مسانيدهم"، وأبو داود في "السنن".

وجاءت السنة التقريرية بأصل إباحة خروج النساء للشعائر والعبادات وهن متطيبات، حتى نص بعض الفقهاء على مشروعية تطيب المرأة في اعتكافها بالمسجد، إلا أنَّ الشرع إنما استثنى من خروج المرأة للمسجد متعطرة ما تحصل به المفسدة؛ كأن يغلب على الظن به حصولُ الفتنة منها أو الخوف عليها؛ كمزاحمتها الرجال، أو وضعها الطيبَ بقصد فتنة الرجال، أو يكون في الموضع فُسّاقٌ يخشَى عليها من أذاهم، ونحو ذلك.

ومن خلال ذلك تُفهَم أحاديثُ النهي عن خروج المرأة إلى المسجد متعطرة؛ فإن المراد به: العطر النفّاذ الزائد عن الحد الذي تقصد به الشهرة أو إثارة الشهوة أو لفت النظر إليها؛ كما جاء في تبويب الإمام ابن خزيمة على حديث المرأة من بني إسرائيل التي كانت تضعُ العطر لتُعرَف به فيسأل عنها الناس إذا وجدوا ريحها؛ حيث بوَّب عليه بقوله: "ذكر بعض إحداث نساء بني إسرائيل الذي من أجله مُنِعْنَ المساجدَ" أو كان عطرها من المبالغة والنفاذ بحيث يشوش على المصلين خشوعهم.

ثم إنه ليس المقصودُ أيضًا خصوصَ العطر، بل هي منهية عن التزين بكل ما يشهرها ويجذب الأنظار إليها، وبذلك بوب الحافظ أبو بكر البيهقي على هذا الحديث وغيره من أحاديث تعطر المرأة عند الخروج من بيتها؛ فقال: (باب ما يكره للنساء من الطيب عند الخروج وما يشتهرن به).

وقال إمام الحرمين الجويني في "نهاية المطلب" (2/ 566-567، ط. دار المنهاج): [والعُجُزُ إن حَضَرْن فلا ينبغي أن يلبسن شهرةً من الثياب، ولا ينبغي أن يَمْسَسْنَ طيبًا يشهرهنَّ] اهـ.

ومفهومه: جواز مسّ الطيب لهن إذا كُنَّ لا يتميزن به ولا يُشْهِرُهُنَّ.

فمن هذه الأحاديث:

1- ما أخرجه الإمام مسلم في "صحيحه" من حديث زينب الثقفية رضي الله عنها أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم قال: «إِذَا شَهِدَتْ إِحْدَاكُنَّ الْمَسْجِدَ فَلَا تَمَسَّ طِيبًا».

وهو عند النسائي في "المجتبى" بلفظ: «أَيَّتُكُنَّ خَرَجَتْ إِلَى الْمَسْجِدِ فَلَا تَقْرَبَنَّ طِيبًا».

قال القاضي عياض في "إكمال المعلم" (2/ 355): [ونهيُ النبيّ صلى الله عليه وآله وسلم للنساء عن الخروج إلى المساجد، إذا تَطيَّبن أو تَبَخَّرْنَ لأجل فتنة الرجال بطيب ريحهن وتحريك قلوبهم وشهواتهم بذلك] اهـ.

والتعليل في قول القاضي: "لأجل فتنة الرجال.. وتحريك قلوبهم" راجع إلى قوله: "تطيبن أو تبخرن"؛ أي: أن النهي منصبٌّ على تطيبهن وتبخرهنَّ بقصد فتنة الرجال وإغوائهم، فالعلة في قصدهن للفتنة أو في فعلهن من ذلك ما يُعلَم عرفًا أنه دعوة للفتنة، وليس مراده: أنَّ مجرد خروجهن متطيبات هو الفتنة؛ وإلا لقال: "لأجل افتتان الرجال.. وتحرُّك قلوبهم".. إلخ، فالفتنة: قصدهن من فعلهن، بخلاف الافتتان؛ فقد يحصل من غير قصدٍ منهن.

ويشهد لذلك: أن الشريعة جاءت بالفرق بين القصدين في وضع الطيب؛ ففرقت بين من وضعه لله: فله الأجر، ومن وضعه لغير الله: فعليه الوزر، وذلك فيما رواه عبد الرزاق في "المصنف" عن إسحاق بن أبي طلحة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: «مَنْ تَطَيَّبَ للهِ جَاءَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَرِيحُهُ أَطْيَبُ مِنَ الْمِسْكِ، وَمَنْ تَطَيَّبَ لِغَيْرِ اللهْ جَاءِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَرِيحُهُ أَنْتَنُ مِنَ الْجِيفَةِ».

2- وأخرج الإمام أحمد في "المسند"، وأبو داود والنسائي في "السنن" من حديث أبي هريرة رضي الله عنه: أنه لقِيَتْه امرأةٌ وجد منها ريح الطيب ينفحُ ولذيلها إعصار، فقال: "يا أمة الجبار جئت من المسجد؟" قالت: نعم، قال: "وله تطيبتِ؟" قالت: نعم، قال: إني سمعت حِبِّي أبا القاسم صلى الله عليه وآله وسلم يقول: «لَا تُقْبَلُ صَلَاةُ امْرَأَةٍ تَطَيَّبَتْ لِلْمَسْجِدِ حَتَّى تَغْتَسِلَ غُسْلَهَا مِنَ الْجَنَابَةِ».

وجاء ذلك مفسَّرًا بمن كانت ريحُها تعصف؛ وذلك فيما أخرجه أبو يعلى في "مسنده"، ولفظه: «مَا مِنِ امْرَأَةٍ تَخْرُجُ إِلَى الْمَسْجِدِ تَعْصِفُ رِيحُهَا فَيَقْبَلُ اللهُ مِنْهَا صَلَاةً حَتَّى تَرْجِعَ فَتَغْتَسِلَ»، وبنحو لفظه أخرجه الإمام أبو بكر بن خزيمة في "صحيحه"، وأبو العباس السراج في "مسنده"، وأبو بكر البيهقي في "السنن الكبرى". قال الحافظ المنذري في "الترغيب والترهيب": "إسناده متصل ورواته ثقات".

اقرأ أيضا:

طبيب نساء وولادة: ألمس عورة المريضة فهل أتوضأ في كل مرة؟

فلفظ «تَعْصِفُ رِيحُهَا»: يدلُّ على نفاذ عطرها، وشدة انتشاره، ومبالغتها فيه، مع ما في ذلك من الشهرة، ولفت النظر إليها، والتشويش عليهم في خشوعهم وصلاتهم.

ولفظ «تَطَيَّبَتْ لِلْمَسْجِدِ» يدل على أن مرادَها وقصدها أن يجد ريحَها المصلون، مع ما في ذلك من التشويش عليهم في خشوعهم وصلاتهم، ولذلك جاء في حقها هذا الوعيد. ومفهومه: أن ما كان من ذلك غير مثير للفتنة أو لافت للنظر فلا بأس به.

ويشهد لذلك: ما رواه الإمام ابن خزيمة وعنه ابن حبان في "صحيحيهما" من حديث أبي سَعِيد الخدري رضي الله عنه، قال: "ذَكَرَ (يعني النبيَّ صلى الله عليه وآله وسلم) نِسْوَةً ثَلَاثَةً مِنْ بَنِي إِسْرَائِيلَ: امْرَأَتَيْنِ طَوِيلَتَيْنِ، وَامْرَأَةً قَصِيرَةً لَا تُعْرَفُ، فَاتَّخَذَتْ رِجْلَيْنِ مِنْ خَشَبٍ، وَصَاغَتْ خَاتَمًا فَحَشَتْهُ مِنْ أَطْيَبِ الطِّيبِ، فَإِذَا مَرَّتْ بِالْمَسْجِدِ أَوْ بِالْمَلَأِ قَالَتْ بِهِ فَفَتَحَتْهُ، فَفَاحَ رِيحُهُ".

فإذا خرجت المرأة من بيتها متعطرة للمسجد أو لغيره، وكانت تقصد بعطرها أو زينتها فتنةَ الرجال أو لفتَ الأنظار إليها أو الشهرةَ بذلك: صار تعطرها وتزينها حرامًا؛ لأجل سوء القصد والرياء، والمباهاة والخيلاء، لا لخصوص العطر والزينة، فالتحريم هنا منوط بنيتها لا بزينتها، وبقصدها لا بطيبها، وقد يُستَدَلُّ على سوء القصد: بالمبالغة في البهرجة والزينة والعطر؛ كما في حديث أبي هريرة رضي الله عنه في المرأة التي كان ينفح عطرها ولذيلها إعصار.

فإذا سَلِمَ قصدُها، وانتفى خوفُ الأذى: فجمهور العلماء على أن خروجها للمسجد متعطرة ليس حرامًا، ثم منهم من رآه مكروهًا؛ سدًّا للذريعة، ومنهم من نص على الإباحة من غير كراهة.

والمشهور عند المالكية إباحة تطيب المعتكفة في المسجد، وهو الذي نقله صاحب كتاب "المجموعة" عن مذهب الإمام مالك، وهذا يقتضي جواز خروجها للمسجد متطيبةً بلا كراهة.

وأما الشافعية:

فقال العلامة القسطلاني في "إرشاد الساري" (2/ 220، ط. الأميرية): [يُسْتَحَبُّ حضور العجائز، وغير ذوات الهيئات بإذن أزواجهن.. وليلبسن ثياب الخدمة، ويتنظفن بالماء من غير تطييب ولا زينة؛ إذ يكره لهن ذلك، أما ذوات الهيئات والجمال فيكره لهن الحضور] اهـ بتصرف يسير.

ونص فقهاء الشافعية على أنه يُستثنَى مِن الكراهة ما تضعه المرأة مِن الطيب لدفع الروائح الكريهة؛ فخروجها للمسجد متعطرة لهذا الغرض جائز شرعًا:

وأما الحنابلة:

وقال العلامة ابن مفلح الحنبلي في "الفروع" (2/ 458، ط. مؤسسة الرسالة): [وذكر جماعة: يُكرَه تطيبها لحضور المسجد وغيره، وتحريمه أظهر؛ لما تقدم، وهو ظاهر كلام جماعة] اهـ.

وليس هذا اختلافا حقيقيًّا بقدر ما هو تحقيقٌ لمناط الفتنة بهن أو عليهن؛ فالتحريم عند قصد الإغواء مع تحقق الفتنة أو غلبة الظن بها، والكراهة عند خشية الفتنة، والإباحة عند أمن الفتنة، والاستحباب عند الحاجة إلى الطيب لقطع الرائحة الكريهة ونحو ذلك.

كما تنتفي الكراهة عند القائلين بها إن كان عطرُها لحاجة معتبرة؛ لما تقرر في قواعد الفقه: من أن الكراهة تزول بأدنى حاجة، فقد يكون الشيء مكروهًا في أصله، فإذا اقتضته الحاجة انتفت كراهته.

والفتنة هنا منوطة بمظنتها؛ حيث نصَّ العلماءُ على أنَّ نهي المرأة عن الخروج للمسجد متعطِّرةً ليس على إطلاقه، ولم يُقْصَدْ به كل الأوقات؛ بل هو محمولٌ على الأوقات التي لا تأمن المرأة فيها على نفسها من الفتنة؛ كأوقاتِ الظُّلَمِ التي تخلو فيه الطرق من المارَّة، ويشهد لذلك حديث أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم قال: «أَيُّمَا امْرَأَةٍ أَصَابَتْ بَخُورًا فَلَا تَشْهَدْ مَعَنَا الْعِشَاءَ الْآخِرَةَ» أخرجه الإمام مسلم في "الصحيح".

ومقتضى هذا الحديث عند بعض العلماء: أن المرأة لو تبخرت في غير وقت الظلمة، مع أمنها من الفتنة وأمنها على نفسها، لم يمنعها ذلك من شهود الصلاة مع الناس جماعةً، والأمر في ذلك يختلف باختلاف الأزمان.

وبالجملة: فهذه المسألة مبنية على أعراف الناس، والمصلحة الـمُتَوَخَّاةَ فيها: أخذ الزينة عند الصلاة من جهة، وسَدُّ ذريعة الفتنة بها أو عليها من جهة أخرى؛ ولذلك رأى بعض العلماء مشروعية تَطَيُّب المعتكفة في المسجد مع كراهتهم خروجَها متعطرة؛ خشية الفتنة، ولا يخفى تَغَيُّر كثير من الأعراف التي بُنِيَت عليها بعض هذه الأحكام؛ إذ أصبح ارتياد المرأة للمسجد في الأعمّ الأغلب مانعًا مِن تَعَرُّضِ الفُسّاق لها أو فتنتها أو الفتنة بها، ولم تَعُد الفتنةُ عرفًا متحققة بمجرد وضع الطيب، وصار الحفاظ على أمن المرأة وسلامتها خاضعًا لعوامل أخرى أكثر تعقيدًا من العامل الزمني.

كما أنَّ المرأةَ لم تَعُد مقصورة على بيتها، بل فرضت عليها طبيعةُ العصر أن تشارك الرجال في الخروج للتعلم والتعليم والعمل وتقلد الوظائف وقضاء المصالح، وصارت موجودةً في الحياة السياسية والثقافية والاجتماعية، ولم يَعُدْ خروجها للمسجد بخصوصه مظنة فتنة بعد أن خرجت بالفعل لكل مناحي الحياة، وأصبحت طبيعة عملها في كثير من الأحيان تفرض عليها التعامل مع الأصناف المختلفة من البشر، بما يحوجها إلى استعمال الطيب الذي يلائم التعامل البشري ويطيب الأماكن ويزيل آثار الروائح الكريهة، فلم يَعُدْ مقبولًا أن تذهب بطيبها المعتدل إذا أرادت حيث شاءت، ثم تمنع منه عند دخولها للمسجد الذي جاء الأمر باتخاذ الزينة عنده، بل يقال: إنَّ ذهابها إلى المسجد مُتَطَيَّبةً من غير قصد فتنة، ولا مبالغة في نفاذ عطر، هو أمر مقبول مستساغ تطبق به أمر الله تعالى بأخذ الزينة عند كل مسجد، وتتأسى فيه بنساء النبي صلى الله عليه وآله وسلم والصحابيات رضي الله عنهن في الخروج إلى صلاة العيد بسخابهن وقلادات عطورهن.

وقد اتَّسَعت المساجد في هذا العصر، واستقلَّت النساء بأماكنهن ومداخلهن المخصصة لهن فيها، وابتعدن فيها عن الرجال، وذلك يجعل أمرَ فتنة الرجال بهن في خصوص المساجد مستبعدًا.

وأما عدم القبول في قول النبي صلى الله عليه وآله وسلم: «لَا تُقْبَلُ صَلَاةُ امْرَأَةٍ تَطَيَّبَتْ لِلْمَسْجِدِ حَتَّى تَغْتَسِلَ غُسْلَهَا مِنَ الْجَنَابَةِ» فهو محمولٌ على نفي الكمال لا على نفي الصحة، وذلك في حالة سوء قصدها، أو تحقق الفتنة أو غلبتها؛ أي: أن صلاتها صحيحة، لكنها ناقصة الأجر حينئذٍ، وكذلك أمرها بالاغتسال: إنما هو لإزالة أثر العطر النَّفَّاذ، وليس المقصود بذلك الجنابة الحقيقية أو رفع الحدث.

وبناءً على ذلك: فقد جاء الأمر الإلهي بأخذ الزينة عند كل مسجد؛ بما يعمُّ الرجال والنساء، وجاءت السنة النبوية التقريرية بخروج النساء إلى الصلاة بقلائد عطرهن، فيجوز للمرأة وضع الطيب بشرط أمن الفتنة بها أو عليها.

وأما أحاديثُ النهي عن خروج المرأة إلى المسجد متعطرة فالمراد بها: النهيُ عن تعطرها بالعطر النفّاذ الزائد عن الحد الذي تقصد به الشهرة، أو لفت النظر إليها؛ فإن ذلك حرام، سواء فعلت ذلك بالعطر أو بغيره من وسائل الزينة التي تلفت الأنظار، واختلاف الفقهاء بين التحريم والكراهة والإباحة أقرب إلى تحقيق المناط منه إلى الخلاف الحقيقي؛ فالتحريم عند قصد الإغواء مع تحقق الفتنة أو ظنّها، والكراهة عند خشيتها، والإباحة عند أمنها، والاستحباب عند الحاجة إلى الطيب لقطع الرائحة الكريهة ونحو ذلك.

وأما الأحاديث الواردة في عدم قبول صلاتها فإنما هي في حالة التحريم؛ فهي محمولةٌ على نفي الكمال لا على نفي الصحة؛ أي: أنَّ صلاتها صحيحة، لكنها ناقصة الأجر، وكذلك الحال في أمرها بالاغتسال: إنما هو لإزالة أثر العطر النَّفَّاذ، وليس المقصود بذلك الجنابة الحقيقية أو رفع الحدث عن المرأة.

اقرأ أيضا:

لا يلدغ المرء من جحر مرتين.. هل أمر أم نهي؟

الكلمات المفتاحية

حكم خروج المرأة إلى المسجد متعطرة؟ حكم تعطر المرأة في الصيام عطر المرأة في نهار رمضان

موضوعات ذات صلة

amrkhaled

amrkhaled ورد سؤال إلى دار الإفتاء المصرية يقول: "هل يجوز للمرأة أن تخرج إلى المسجد مُتَعَطِّرة؟ حيث جاء في بعض الأحاديث أن المرأة إذا خرجت للمسجد متعطرة فإن ال