الطاعات المتعدية ثوابها مضاعف وهي من أعظم العبادات، لأن خيرها يعود إلى القائم بالعمل، ويتعدى إلى غيره.
ولذلك كان السعي في قضاء حوائج الناس من أعظم من العبادات، لما فيه من عمار الدنيا والدين.
وقد كان الصحابي الجليل حبر الأمة وترجمان القرآن عبد الله بن عباس، لعظم فهمه لهذا الأمر يترك الاعتكاف في ويخرج منه في رمضان، إذا قصده من لا تنقضي حاجته إلا به، وقد كان سعيدا بذلك ليس متبرما.
الفأر والإسرائيلي:
روي أن رجلا من بني إسرائيل حضره الموت، فرأى جزع امرأته عليه فقال: أتحبين أن لا أفارقك؟
قالت: نعم، قال: فاصنعي لي تابوتا ثم اجعليني في بيتك هذا فإنه لا يتغير جسدي، ففعلت، فاطلعت بعد زمان فإذا هي بإحدى أذنيه قد أكلت.
فقالت: فلان ما كذبتني قبلها، قال: فاستأذن ربه عز وجل فرد الله عز وجل عليه روحه، فقال لها: إن الذي رأيت من أذني أني سمعت ملهوفا يوما من الأيام يستغيث فلم أغثه فأكلت أذني التي كانت تليه.
اقرأ أيضا:
هل القلوب تصدأ .. وما الفرق بين "الران" و" الطبع" على القلب؟النبي وإغاثة الملهوف:
وكان النبي صلى الله عليه وسلم من أكثر الناس إلى الاستجابة لإغاثة الملهوف.
وقد استدلت السيدة خديجة رضي الله عنها بسليم فطرتها أن الله لن يضيعه بسبب إغاثته للملهوف واستماله على مكارم الأخلاق.
ولما أخبرها النبي صلى الله عليه وسلم قائلا: «لقد خشيت على نفسي، فقالت له: أبشر فوالله لا يخزيك الله أبدا».
ثم استدلت - رضي الله عنها- بما فيه من الصفات الفاضلة والأخلاق والشيم على أن من كان كذلك لا يخزى أبدا.
فعلمت بكمال عقلها وفطرتها أن الأعمال الصالحة والأخلاق الفاضلة والشيم الشريفة تناسب أشكالها من كرامة الله وتأييده وإحسانه، ولا تناسب الخزي والخذلان، وإنما يناسبه أضدادها.
يقول الإمام ابن القيم: فمن ركّبه الله على أحسن الصفات، وأحسن الأخلاق والأعمال إنما يليق به كرامته وإتمام نعمته عليه.
ومن ركبه على أقبح الصفات وأسوأ الأخلاق والأعمال إنما يليق به ما يناسبها، وبهذا العقل والصديقية استحقت أن يرسل إليها ربها بالسلام منه مع رسوليه جبريل ومحمد صلى الله عليه وسلم.