الاختلاس .. هو نوع من أنواع الاحتيال، وعلى الرغم من ارتباطه بالمال وسرقته غالبًا، إلا أن الأمر انتقل للأسف إلى الصلاة، إذ تجد أحدهم وقد (اختلس) صلاته، أي احتال عليها، وذلك بالحركة الكثيرة أو بالنظر في غير وضع السجود، وربما الانشغال بـ(رنة التليفون)، والمشكلة الأكبر في استباق الإمام، وهي أمور بالأساس قد تبطل الصلاة بالكلية.

روى الإمام البخاري عن أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها، :سألت رسول الله صلى الله عليه وسلم، عن الالتفات في الصلاة فقال: «هو اختلاس يختلسه الشيطان من صلاة العبد»، فتخيل أنت تصلي والشيطان يسرقك، وفي ماذا؟.. في الصلاة، فأي بلاء أشد من هذا؟.. بالتأكيد لا، ذلك أن الصلاة هي عماد الدين كله، فإن صلحت، صلحت باقي الأعمال.

النهي علن الالتفات

مهما كانت الظروف إياك أن تلتفت في الصلاة، وانظر فقط في مرمى بصرك بموضع السجود، لأن ذلك من الأمور التي قد تبطل صلاتك أو على الأقل تقلل فضلها.

فقد أخرج الترمذي من حديث الحارث الأشعري وصححه من حديث طويل، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم، قال: «إن الله أمركم بالصلاة، فإذا صلَّيتُم فلا تلتَفِتوا، فإن الله ينصِبُ وجهه لوجهِ عبده في صلاته ما لم يلتفت».

فيما روى أحمد، والنسائي، وأبو داود، عن أبي ذر الغفاري رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «لا يزال الله مُقبِلًا على العبد في صلاته ما لم يلتَفِت، فإذا صرف وجهَه انصرف عنه».

فتخيل كأنك تنظر إلى الله، فتنصرف عنه بالنظر لأمور أخرى، فتكون النتيجة أن ينصرف الله بذاته العليا عنك، فالصلاة طهارة تؤهل العبد للإقبال على الله والوقوف بين يديه، قال تعالى: « قَدْ أَفْلَحَ الْمُؤْمِنُونَ * الَّذِينَ هُمْ فِي صَلَاتِهِمْ خَاشِعُونَ » (المؤمنون: 1، 2)، والخشوع يكون بالقلوب وليس بالجسد فقط.

اقرأ أيضا:

المال الحرام يمحق البركة ويجلب الدمار .. وهذا هو الدليل

خطف البصر

قد يتصور البعض وهو يصلي أن نظره إلى السماء يعني النظر إلى مكان وجود الله عز وجل، فيسأله ما يشاء، والحقيقة هذا ليس له أصل في الدين، لأن الله يستجيب ويسمع السر وأخفى، وليس بحاجة لأن تنظر إلى السماء، لكن بحاجة شديدة للخشوع حتى يتقبل الله أولا صلاتك ثم يستجيب لدعائك.

ولذلك لما رأى النبي صلى الله عليه وسلم أناسًا يرفعون أبصارهم إلى السماء، ولا ينظرون إلى موضع سجودهم قال: «ما بال أقوام يرفعون أبصارهم إلى السماء في صلاتهم؟ فاشتد قوله في ذلك حتى قال: لينتهن عن ذلك أو لتخطفن أبصارهم»، وبالتالي فإن صرف النظر أو الالتفاف إنما من الأمور التي تضيع عليك صلاتك فإياك أن تفعلها يومًا وتخسر ثواب أفضل العبادات وهي الصلاة.

عن عثمان رضي الله عنه قال، سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: «ما من امرئ مسلم تحضره صلاة مكتوبة، فيحسن وضوءها وخشوعها وركوعها، إلا كانت كفارةً لما قبلها من الذنوب، ما لم يأت كبيرة، وذلك الدهر كله».