حسن الظن بالله يعد من العبادات القلبيَّة التي ندب إليها ديننا الحنيف وحث عليه روسولنا الكريم صلي الله عليه وسلم كما جاء في أبي هريرة رضي الله عنه حيث قال ، أنَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "إن حسن الظن بالله تعالى من حسن العبادة" بمعني أن من أحسن ظنه بالله آتاه الله إياه.
وكذلك ثبت عن أبي هريرة رضي الله عنه أنه قال: قال النبي صلى الله عليه وسلم: «يقول الله تعالى: أنا عند ظن عبدي بي» متفق عليه. وفي المسند عنه رضي الله عنه ، عن النبي صلى الله عليه وسلم: «إن الله عز وجل قال: أنا عند ظن عبدي بي، إنْ ظن بي خيراً فله، وإن ظن شراً فله"»
وليس هناك شك في أن حسن الظن بالله وعدم الأمن من مكر الله وجهان لعملة واحدة؛ فحسن الظن بالله لا يجعلك تيأس، عندما ترتكب ذنبا وتتوب يكون صدرك واسعاً لأن الله يقبل التوبة، لكن لا تتمادى فى المعصية و تعتمد على أن الله غفور رحيم، و
ومن فلا يجب عليك أيها العبد المؤمن ألا تأمن مكر الله، فحسن الظن بالله هو نفسه عدم أمن مكر الله، بمعنى: افعل الخير ، امتنع عن الشر ، أحسن ظنك ولكن لا تأمن مكره، لأنك لو لم تأمن مكره لزدت فى المعصية، ولو لم تحسن ظنك لذهبت الثقة بالله
وأجمع العلماء والفقهاء علي أن لحسن الظن بالله فضائل عديدة حيث روي عن ابن عمر -رضي الله عنه- أنَّه قال: "عمود الدين وغاية مجده وذروة سنامه حسن الظن بالله تعالى، فمن مات وهو يحسن الظن بالله دخل الجنة".وليس هناك شك أن الفضائل العظيمة لحسن الظن بالله ٌ يستشعرها المسلم في كلِّ شؤون حياته، كما أنَّها تُشعر المسلم باستقرارٍ نفسيٍّ، واطمئنانٍ على نفسه وأهله وماله، فضلا عن أن حسن الظن بالله يزيد من الإيمان والتقوى مَن تيقَّن أنَّ الله -تعالى- سوف يقدر له الخير في شؤون حياته زاد إيمانه بربه، وزادت طاعاته طمعاً بما عند الله -تعالى- من الأجر والثواب والخير، فالمسلم يتّقي الله بحسن ظنه بربه، وعندها يوقن بفرج الله تعالى، ويوقن بأن الله تعالى رازقه لا محاله،
ومن فضائل حسن الظن بالله أنه يقود العبد المؤمن إلي شدة الاجتهاد والطاعة كما جاء الحديث القدسي حيث قال الله تعالي : "أنا عند ظن عبدي بي فليظن بي ما شاء)، فإذا علم العبد أن كل ما ظنّه بالله -تعالى- من خير فإن الله يعطيه إياه لا محالة؛ من قبول الطاعات، وغفران الزلات، وإجابة الدعوات ناهيك ان العبد ، عندها يجتهد بالطاعات والقربات فأنه انتظار القبول والثواب يعد من حسن الظن بالله
،كما أن من صور حسن الظن بالله الإلحاح العبد في الدعاء والصبر عليه رجاء الإجابة، لأنه يجد نتيجة حسن ظنه بالله تعالى في إجابة دعواته في شؤون حياته، يقول سليمان الدارني: "مَنْ حَسُنَ ظَنُّهُ بِاللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ، ثُمَّ لَا يَخَافُ اللَّهَ فَهُوَ مَخْدُوعٌ"،ومن ثم من اكتفى بحسن الظن بالله وفرَّط بالعمل فهو مخدوع.
ومن فضائل حسن الظن بالله حسن الخاتمة عند الموت قال -تعالى-: "وَالْعَاقِبَةُ لِلْمُتَّقِين" فمن عاش على عبادة حسن الظن بالله مات عليها، فإن فضل هذه العبادة ليس قاصراً على الدنيا بل أيضاً تنفعه عند وفاته، فمن صدق في حسن ظنه وأيقن أنّ الله سوف يحسن خاتمته وعمل لذلك؛ أعطاه الله ظنه، ووفّقه لحسن الخاتمة بأن يموت على عمل صالح أو نية صالحة،
اقرأ أيضا:
"ولا تجعل في قلوبنا غلاً للذين آمنوا".. طهر قلبك فورًا من هذه النقيصةومن المثير هنا التأكيد ان من فضائل حسن الظن بالله أنه يخلف طهارة القلب والجوارح فهو كغيره من العبادات تشترط الإخلاص، وهو قصد الله تعالى وحده في القلب وفي القول والعمل، ولا يصحُّ الإخلاص بأحدهما دون الآخر، وعلى المسلم أن يقصد الله تعالى وحده في كل الأعمال والأقوال وليس فقط في أعمال القلب.
كما أن حسن الظن بالله تعالى يدفع المسلم إلى أن ينقّي قلبه من فاسد النوايا، كما يدفعه إلى أن يصلح أعماله لينال ثواب حسن ظن بالله، فشرط قبول الأعمال أن تكون خالصة لله وصواباً، وخالصة لله؛ أي خالية من الشرك والرياء بالقلب والقول والعمل، وصواباً؛ أي موافقة للسنة النبوية.
كما يعد حسن الظن يعد من أهم وسائل الأخذ بأسباب النصر والتمكين يقول الحسن البصري: "إنّ المؤمن أحسن الظنَّ بربّه، فأحسن العمل، وإنّ الفاجر أساء الظنَّ بربّه، فأساء العمل"، فارتبط حسن الظن بالعمل الصالح والعكس، فمن أحسن الظن بالله عليه أن يأخذ بأسباب النصر والتمكين، فالمسلم يؤمن بقوله تعالى: (إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ إِنَّا لاَ نُضِيعُ أَجْرَ مَنْ أَحْسَنَ عَمَلاً