يقول المولى عز وجل في كتابه الكريم: «وَلِلَّهِ الْأَسْمَاءُ الْحُسْنَىٰ فَادْعُوهُ بِهَا ۖ وَذَرُوا الَّذِينَ يُلْحِدُونَ فِي أَسْمَائِهِ ۚ سَيُجْزَوْنَ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ» (الأعراف 180).
ومن أبرز الأسماء التي تعني أن الله بجلاله وقدره يحبنا حبًا شديدًا، هو اسم الله الودود.. والودود اسم مشتق من الود.. والود هو الحب.. وقد يكون الحب عند الإنسان عارضًا فقد يحب يومًا ما ثم بعد ذلك يكره.
ولذلك يقول رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم «أحبب حبيبك هونًا ما فلعلك أن تكون بغيضه يوما ما وأبغض بغيضك هونا ما فلعلك أن تكون حبيبه يوما ما»، لكن حب الله لنا أمر يختلف تمامًا، وقد لا يصل جميع العلماء إلى حد وصفه على وجه التحديد.
فوق المحبة
والود هو أعمق وأكبر من الحب، فترى كثير من الناس السابقين يقولون في هذا الشأن: «ما محبة إلا بعد عداوة »، وهذا هو الملاحظ أن عداوة ما تنشأ لأي سبب ثم بعد ذلك يتحول الشعور بين الاثنين عندما يطلع كل واحد منهما على حقيقة صاحبه إلى حب وصداقة تستمر، أما الود ففيه نوع اتصال لا يتقلب ، وفيه استمرار لا ينضب، وفيه إخلاص لا ينتهي أبدًا.
والودود نوع من أنواع الأمان مع الله سبحانه وتعالى، فإذا رفع العبد يده إلى السماء وقال: «يا ودود»، فتعني يا من تحب فلا تكره ، فإن الحب من الله سبحانه وتعالى أصل لعباده في ذاتهم لصنعته ، لأن هذا الإنسان هو حبيب الله فالله سبحانه وتعالى خلقه وافتخر به على ملائكته، بل وأسجد الملائكة له.
عن الفاروق عمر بن الخطاب رضي الله عنه، قال: قُدِم رسول الله صلى الله عليه وسلم بسبي، فإذا امرأة من السبي تسعى، إذْ وجدت صبيًا في السبي أخذته فألزقته ببطنها فأرضعته، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «أترون هذه المرأة طارحةً ولدها في النار؟»، قلنا: لا والله، فقال: «الله أرحم بعباده من هذه بولدها».
حبيب الله
إذن الأصل هو أن الإنسان إنما هو حبيب الله، وما دام كذلك فإن حبه له لا ينقطع، فإذا انحرف الإنسان عن طريق الصواب فأفسد في الأرض، وآذى خلق الله وارتكب المعصية فإن الله سبحانه وتعالى يفتح له باب التوبة، ولذلك نتعجب كثيرًا من الذين يريدون ألا يتوب الله على عباده.
والله بذاته يقول في كتابه الكريم: «وَاسْتَغْفِرُوا رَبَّكُمْ ثُمَّ تُوبُوا إِلَيْهِ إِنَّ رَبِّي رَحِيمٌ وَدُودٌ» (هود:90)، وكأن هناك رابطًا قويًا بين اسمه الودود وقبول التوبة من عباده، فليعلم الجميع أن حب الله للإنسان وود الله للإنسان لا ينقطع لأنه قد خلقه وهو صنعته.
فالله سبحانه وتعالى يحب حبًا أصليًا، يُحب حبا مستمرا، يحب حبًا يترتب عليه قبول التوبة والعفو، يحب حبًا فيه رحمة، يحب حبًا يعلم الإنسان أنه إنسان، ولذلك يا ودود من الأسماء الستة الفروع التي أمر العلماء بالذكر بها.
اقرأ أيضا:
ليست كلها ضدك.. أسباب تحول بينك وبين استجابة الدعاء