لاشك أن تأثير مواقع التواصل الاجتماعي على الناس باتت رهيبة، حتى بلغ الأمر حد وصف البعض لهذا الجيل بأنه (جيل أخلاق الفيس بوك)، وهو أمر يجب التوقف أمامه كثيرًا، حتى لا تأخذنا الأمور لمناحي خطيرة لا نستطيع حينها مواجهتها أو ردها.

ومن هذا أن يرسل إليك البعض رسالة يستحلفك فيها أن ترسل لغيرك آية أو حديثًا أو ذكرًا لله، وهذا تعد على حقوق الحرية الشخصية وتكليف بعمل قد لا يناسبه، وفيه استغلال لكلام النبي صلى الله عليه وآله وسلم القائل بأن حقوق المسلم على المسلم ست.

ومنها أن يبر المسلم المسلم في يمينه فإذا حلف عليّ أطعته، فإذا لم أستطع أن أفعل ما أقسم عليّ به أخي فإنه سيترتب عليه أن الذي حلف عليّ سيدفع كفارة عن عدم طاعتي لحلفه ويمينه وهي إطعام عشرة مساكين أو كسوتهم فإن لم يستطع فصيام ثلاثة أيام.


خطأ لا ينبغي الوقوع فيه

أيضًا من الخطورة بمكان، أن الحلف على مثل هذه الأمور الاختيارية ينقلها إلى مرتبة الوجوب فالحلف على المستحبات أو المباحات يقلبها إلى واجبات وفي هذا مشقة على المسلم ، والمسلم لا يشق على أخيه المسلم.

والنبي الأكرم صلى الله عليه وآله وسلم يقول (اللهم من شق على أمة محمد فاشقق عليه)، والذي يحلف على أخيه يشق على نفسه أيضًا لأن عدد الذين لن يبروا يمينه كثيرون فكم يمينا سيكفر عنها هذا الحالف، وفى النهاية كل إنسان يحلف عليه إنسان آخر بفعل شيء لا يستطيعه فلا يهتم بحلف من حلف عليه، لأنه متعدٍ ومخالف لسنة هدي خير العباد صلى الله عليه وآله وسلم.

أيضًا لا ننس أنه يشترط في اليمين المنعقدة في أمورٍ مستقبلة والتي يؤاخذ بها صاحبها أن يكون قاصدًا لها، قال تعالى: « لَا يُؤَاخِذُكُمُ اللَّهُ بِاللَّغْوِ فِي أَيْمَانِكُمْ وَلَكِنْ يُؤَاخِذُكُمْ بِمَا عَقَّدْتُمُ الْأَيْمَانَ » (المائدة: 89)، فيمين اللغو إذن هي التي لم يقصد قائلها عقدها، فهو لم ينتبه لها، وكأنها سبق لسان.


الحنث المحرم

وهناك الحنث المحرم في اليمين، وهو لمن حلف على فعلِ أمر واجب، أو ترك أمر محرم، فعليه أن يلتزم باليمين وجوبًا، ويحرم عليه الحنث، كما لو قال رجل: والله لأصلين الفجر في جماعة، فلا يجوز له أن يحنث، بل يجب عليه الالتزام بيمينه، أما الحنث المكروه فهو لمن حلف على فعل أمر مستحب، أو ترك أمر مكروه، فيستحب له الالتزام باليمين، ويكره له الحنث، كما لو قال: والله لأزورن فلانًا اليوم، فيستحب له الوفاء بيمينه؛ ويكره له الحنث فيها.

وهناك الحنث المستحب وهو لمن حلف على فعل أمر مكروه أو ترك أمر مستحب، كما لو قال: والله لا أتصدق على فلان، وذاك فقير مستحق؛ فهنا نقول: يكره له الالتزام باليمين والأفضل له الحنث، إذن قبل التحدث عبر مواقع التواصل الاجتماعي علينا التريث قليلا، لأنه من الممكن الوقوع في خطأ فقهي أو شرعي دون العلم به، وهو أمر لو تعلمون خطير!.

اقرأ أيضا:

الأدلة على أن النبي يردّ السلام على من يُسلم عليه!