من ناحية أخري قال د. حسن الصغير الأمين العام لهيئة كبار العلماء خلال كلمته في فعاليات الملتقى العلمي الأول الذي يعقده وادي التكنولوجيا بجامعة سوهاج ومركز الأزهر العالمي للفلك الشرعي وعلوم الفضاء إن هذا الملتقى والذي يهدف إلى الدمج بين العلوم الدينية وعلوم الطبيعة والحياة في إطار أهداف التنمية المستدامة له أهمية بالغة، خاصة وأنَّ هذه الملتقيات وتلك المبادرات قد استلهمت ثقافة المجتمع وقيمه الأصيلة، و
ومضي للقول : هذه المبادرات انطلقت من علاقة الإسلام بالتنمية والحفاظ على مكونات الحياة، فإذا كان الإنسان غاية التنمية ووسيلتها، فالقرآن الكريم والسنة النبوية كلاهما إما حديث عن الإنسان أو حديث للإنسان أو منهج للحفاظ على الكون، والإسلام جاء ليستوعب حضارة كل عصر، ويرسم للنشاط الإنساني اتجاه الحركة في الحياة وأهدافها؛ بما ينشر الأمن والكفاية بين البشر جميعاً، قال تعالى "ونزلنا عليك الكتاب تبياناً لكل شيء" (النحل، 89). لذا أثمن غالياً عقد مثل هذه الملتقيات، والتي نحن في مسيس الحاجة إليها والتفكير فيها، خاصة في وقتنا الراهن، لدفع عجلة النمو والحفاظ على الكون والبيئة التي ننعم بما فيها من خيرات.
أضاف الصغير أنه إذا كانت الحضارة هي تفاعل بين الإنسان والكون والزمن، فقد جعل الإسلام من هذه العناصر مرتكزات لعملية الاستخلاف والحفاظ على الأرض ومنع كل صور الفساد فيها، فبقاء الحياة على الأرض مرتبط بوجود طائفة ينهون عن الفساد فيها، وقد أكد القرآن الكريم تلك الحقيقة، قال تعالى " فلولا كان من القرون من قبلكم أولو بقية ينهون عن الفساد في الأرض.." (هود:116)، وربط الله تعالى بين دين الفطرة وعدم الإفساد في الأرض، قال تعالى ".. إني أخاف أن يبدل دينكم أو أن يظهر في الأرض الفساد" (غافر: 26).
كما أكد على عدة نقاط مهمة، منها: أنَّ أهداف التنمية جميعها والحفاظ على مكونات الحياة سبق إليها القرآن الكريم والسنة المطهرة بالدعوة إليها والتأسيس لها، حفظُ النفس البشرية من مقاصد الشريعة الضرورية؛ ولا يتأتى هذا الحفظ إلا بحفظ البيئة التي يعيش فيها والموارد الطبيعية التي لا يستغنى عنها في ظل مناخ مناسب للتعايش فيه، مشيرا إلى مسئولية الإنسان تتمثل في الحفاظ على هذه القوانين الشرعية التي يتأتى به تحقق مصالح العباد. فاهتم الإسلام بإعمار الأرض وعدم الإفساد فيها، وصدق الله العظيم حينما قال (ولا تفسدوا في الأرض بعد إصلاحها)، فالبيئة هبة من الله لعباده؛ تلبية لحاجاتهم الحياتية.
اقرأ أيضا:
قالوا عن النساء.. ماذا عن الزوجة الأولى والثانية؟ وأوضح الأمين العام أن العلاقة بين العلوم الدينية وعلوم الطبيعة والحياة علاقة تلازم وتآذر، فمقاصد الشريعة والمصالح المعتبرة بمستوياتها "الضرورية والحاجية والتحسينية" هي مصادر لرعاية المصلحة العامة، وتحقيق العدل، من خلال الفهم الصحيح وتوظيف الجانب العلمي التقني، وهو تراث إنساني عام يُستفاد منه بشكل مقنن ومنضبط في ضوء المصالح والحفاظ على الحياة، مع التأكيد على ضرورة السير على المنهاج القويم في علاقة الإنسان مع نفسه ومع الكون من حوله، بحيث تتجه أعمال الفرد والمجموع لتحقيق الإرادة الإلهية في عمارة الأرض وإصلاحها، والانتفاع بما سخره الله فيها