مما يتمتع به الرجال في الجنة الحور العين، وقد وردت آيات كثيرة في القرآن ووردت أحاديث شريفة ذكرت أوصاف الحور العين وأنهن من مُتع أهل الجنة..
حقيقة خلق الحور العين:
غير أنه وقع الخلاف في حقيقة خلق الحور العين وهل هن الآدميات اعيد خلقهن خلقا جميلا لأزواجهن.. أم هن خلقا آخر أعده الله لرجال أهل الجنة .
ثم تفرع عن هذا الخلاف خلاف آخر في أيهما أحسن وأجمل وأكمل في الجنة هل نساء الدنيا أم الحور العين، وهنا ذكر الحليمي في «المنهاج في شعب الإيمان»: اختلف في الحور العين المذكورات في القرآن، فقال الحسن البصري: إن الحور العين هنّ المؤمنات من أزواج النبيين، والمؤمنين، يخلقن في الآخرة على أحسن صورة، والمشهور أن الحور العين ليس من نساء أهل الدنيا، إنما هنّ مخلوقات في الجنة.
وذكر ابن القيم في «حادي الأرواح» في قوله تعالى:{إِنَّا أَنْشَأْنَاهُنَّ إِنْشَاءً * فَجَعَلْنَاهُنَّ أَبْكَارًا * عُرُبًا أَتْرَابًا * لأَصْحَابِ الْيَمِينِ} قال: قال قتادة، وسعيد بن جبير: خلقناهنّ خلقًا جديدًا. وقال ابن عباس: يريد نساء الآدميات. وقال الكلبي، ومقاتل: يعني نساء أهل الدنيا العُجز الشمط، يقول تعالى: خلقناهنّ بعد الكبر، والهرم، وبعد الخلق الأول في الدنيا. ويؤيد هذا التفسير حديث أنس المرفوع: هنّ عجائزكم العمش الرمص، وذكر في ذلك بعض الأدلة والآثار.
أيهما أجمل: الحور أم الآدميات؟
وأما الخلاف الثاني: فقال القرطبي في الجامع لأحكام القرآن: اختلف أيهما أكثر حسنًا، وأبهر جمالًا، الحور أو الآدميات؟ فقيل: الحور؛ لما ذكر من وصفهنّ في القرآن، والسنة ... وقيل: الآدميات أفضل من الحور العين بسبعين ألف ضعف، وروي مرفوعًا. وذكر ابن المبارك: أخبرنا رشدين، عن ابن أنعم، عن حيان ابن أبي جبلة، قال: إن نساء الدنيا من دخل منهنّ الجنة فضلن على الحور العين بما عملن في الدنيا. وقد قيل: إن الحور العين المذكورات في القرآن هنّ المؤمنات من أزواج النبيين، والمؤمنين، يخلقن في الآخرة على أحسن صورة، قاله الحسن البصري.
وجزم السفيري في شرح البخاري بأن نساء الدنيا وهنّ الآدميات في الجنة أفضل وأحسن من الحور العين.
عدد الحور العين:
وأما عدد ما يكون للمسلم منهن في الجنة، فإن ألفاظ الأحاديث الواردة في ذلك مختلفة، فبعضها يذكر اثنتين، وبعضها يذكر اثنتين وسبعين، ومن ذلك قوله صلى الله عليه وسلم: أول زمرة تدخل الجنة على صورة القمر ليلة البدر، والذين على إثرهم كأشد كوكب إضاءة قلوبهم على قلب رجل واحد لا اختلاف بينهم ولا تباغض لكل امرئ منهم زوجتان كل واحدة منهما يرى مخ ساقها من وراء لحمها من الحسن.
وحاول المباركفوري في تحفة الأحوذي الجمع بين الروايات الواردة في ذلك أيضًا فقال نقلاً عن القارئ: والتوفيق بينه وبين خبر أدنى أهل الجنة من له اثنتان وسبعون زوجة وثمانون ألف خادم ، بأن يقال يكون لكل منهم زوجتان موصوفتان بأن يرى مخ ساقها من ورائها وهذا لا ينافي أن يحصل لكل منهم كثير من الحور العين الغير البالغة إلى هذه الغلية كذا قيل والأظهر أنه تكون له زوجتان من نساء الدنيا وأن أدنى أهل الجنة من له اثنتان وسبعون زوجة في الجملة يعني ثنتين من نساء الدنيا وسبعين من الحور العين.