هناك سلوكيات لا يقوم بها إلا المسلم الحقيقي الذي عرف ربه وعرف حقيقته، وعرف كيف يكون معدنه وصورته أمام ألناس، وكيف يكون مظهره وبيته وبيئته، فقد خلق الله الأرض وأمر الإنسان بعمارتها والحفاظ عليها ونظافتها والاهتمام بتفاصيلها، فحين تنظر لعظمة الكون وتفاصيله وجمال خلقه وروعة نسقه وبديع مظاهره، تعرف معنى قول النبي صلى الله عليه وسلم بأن الله جميل يحب الجمال ونظيف يحب النظافة.
فعن صالح ابن أبي حسان قال سمعتُ سعيد بن المسيب يقول: "إن اللهَ طيّبٌ يحبّ الطيبَ، نظيفٌ يُحِبُّ النظافةَ، كريمٌ يحبُ الكرم، جوادٌ يُحِبّ الجودَ؛ فنظفُوا -أراه قال: أفنيتكُم-؛ ولاتشبّهوا باليهودِ".
النظافة من أهم القيم الإسلامية، وجزء لا يتجزأ من الإيمان، فالنظافة ليست مجرد سلوك مرغوب فيه أو متعارف عليه اجتماعياً يحظى صاحبه بالقبول الاجتماعي فقط؛ بل جعلها الإسلام قضية إيمانية تتصل بالعقيدة، يُثاب فاعلها ويأثم تاركها في بعض مظاهرها.
فعن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «الْإِيمَانُ بِضْعٌ وَسَبْعُونَ -أَوْ: بِضْعٌ وَسِتُّونَ- شُعْبَةً، فَأَفْضَلُهَا قَوْلُ لَا إِلَهَ إِلَّا اللهُ، وَأَدْنَاهَا إِمَاطَةُ الْأَذَى عَنِ الطَّرِيقِ، وَالْحَيَاءُ شُعْبَةٌ مِنَ الْإِيمَانِ».
اظهار أخبار متعلقة
من سمات الرجال
ومن مظاهر اهتمام الإسلام بها؛ جعلها سمة من سمات الرجال، وهذه السِّمة جعلتهم ينالون شرف محبة الله تعالى لهم، قال تعالى: {لَمَسْجِدٌ أُسِّسَ عَلَى التَّقْوَى مِنْ أَوَّلِ يَوْمٍ أَحَقُّ أَنْ تَقُومَ فِيهِ فِيهِ رِجَالٌ يُحِبُّونَ أَنْ يَتَطَهَّرُوا وَاللَّهُ يُحِبُّ الْمُطَّهِّرِينَ} [التوبه:108]، كما جعلها سبحانه وتعالى شرطاً لإقامة عمود الدين -الصلاة-، قال تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا إِذَا قُمْتُمْ إِلَى الصَّلَاةِ فَاغْسِلُوا وُجُوهَكُمْ وَأَيْدِيَكُمْ إِلَى الْمَرَافِقِ وَامْسَحُوا بِرُءُوسِكُمْ وَأَرْجُلَكُمْ إِلَى الْكَعْبَيْنِ وَإِنْ كُنْتُمْ جُنُبًا فَاطَّهَّرُوا وَإِنْ كُنْتُمْ مَرضى أَوْ عَلَى سَفَرٍ أَوْ جَاءَ أَحَدٌ مِنْكُمْ مِنَ الْغَائِطِ أَوْ لَامَسْتُمُ النِّسَاءَ فَلَمْ تَجِدُوا مَاءً فَتَيَمَّمُوا صَعِيدًا طَيِّبًا فَامْسَحُوا بِوُجُوهِكُمْ وَأَيْدِيكُمْ مِنْهُ مَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيَجْعَلَ عَلَيْكُمْ مِنْ حَرَجٍ وَلَكِنْ يُرِيدُ لِيُطَهِّرَكُمْ وَلِيُتِمَّ نِعْمَتَهُ عَلَيْكُمْ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ} [المائدة:6].
وبالرغم من عناية الإسلام بالنظافة والمظهر الحضاري للمسلمين لهذا الحد، إلا أن الكثير من الناس يهمل هذا الركن الركين الذي يعبر عن شكله وإسلامه، فيقوم ببعض السلوكيات التي تشينه، وتصدر عنه صورة سلبية لا تصح أن تخرج من إنسان مسلم حثه دينه في القرآن والسنة النبوية على النظافة وطالبه بها.
اظهار أخبار متعلقة
ومن بعض السلوكيات التي تخرج من الغنسان وتعبر عنه بشكل سيئ وتعطي عنه انطباع يكرهه الناس هي:
-إلقاء القمامة على باب شقته
الكثير من الناس لا يعبأ بإلقاء القمامة على باب شقته وعبث الحيوانات الضالة مثل القطط بمحتويات هذه القمامة التي يلقي بها على السلم، الأمر الذي يؤذي جيرانه، ويكون مدعاة للخلاف معه وربما التشاجر، نتيجة المظهر الذي تصبح عليه أفنية البيت والسلم، بسبب إلقاء محتويات القمامة على باب الشقة، والتشجيع على القيام بهذا السلوك من قبل المتكاسلين من بعض الجيران الأخرى، الأمر الذي يؤدي إلى تحويل فناء البيت إلى مقلب قمامة على سلالمه وأمام أبواب الشقق، ما يعطي انطباعا سيئا عن سكان العمارة وإيذاء الغير.
-رمي أكياس القمامة من شرفات المنازل وعلى جنبات الطريق
قد تضطر إلى إخراج كل ما تكتمه من غيظ وغضب حال كنت تمشي في الشارع وفوجئت بإحدى السلوكيات الشاذة والمهينة للمسلمين وللإنسانية كلها، حينما تجد أحدهم يلقي بأكياس القمامة من شرفات المنازل على المارة في الشوارع، فكم من مرة كل يوم وأنت تسير صباحا إلى عملك قد تجد قنبلة موقوتة في كيس قمامة تنفجر أمام قدمك وربما صادفت وجهك في بعض المرات، لتجد نفسك وقد سيطرت عليك مشاعر الغضب تسب وتشتم أصحاب هذا الكيس الذي عبروا عن أنفسهم بأسوأ ما يكون.
-إلقاء أكياس القمامة على أرصفة المدارس والمساجد وأبواب المحلات المغلقة
من العجب أن يكون إنسان مسلم وتجده يلقي بكيس القمامة على باب المحلات المغلقة وأرصفة المساجد والمدارس، غير مكترث بعنوان المكان الذي تعلم فيه أبنائك أو شكل المسجد الذي يعبر عن إسلامك وتتعبد فيه.
-البصق في الشوارع والأماكن العامة
من أغرب السلوكيات التي تحدث كل دقيقة من قبل المارةف ي الشوارع هو البصق في الطرقات، وربما على أبواب المنازل وفي المحلات والحدائق، الأمر الذي يعبر تعبيرا سيئا عن صاحب هذا السلوك، ويجعل الطرقات والأماكن العامة فرصة لنشر الأوبئة والأمراض.
التبول في الشوارع
ومن الأمور التي لم تنته رغم رفض الإسلام لها، هو التبول في الطرقات، بالرغم من أن الإسلام حذر من هذا السلوك المشين، ووصفه النبي صلى الله عليه وسلم بأوصاف يفزع لها أي مسلم حريص على رضا ربه، حينما رأى النبي صلى الله عليه وسلم في رحلة الإسراء والمعراج رجلين يعذبان أحدهما كان لا يستتر من بوله