الكبائر.. الأفعال التي إذا وقع فيها العبد كان في وضع سيء للغاية وفي مشكلة كبيرة جدًا، تحتاج لوقفة والبدء من جديد، مع توبة خالصة مخلصة لله تعالى، لكن قد لا يدري العبد أن هناك فعل إذا وقع فيه فقد وقع في أعظم الكبائر.. ألا وهو قطع صلة الرحم، فضلاً عن أنه يضيق الأرزاق ويقصر العمر.. وبما أننا أصبحنا نعيش في عصر المادة الذي غلبت فيه الأمور المادية الجافة على الروحانيات والود والوصال الاجتماعي، وغلبت فيه الأهواء والنفس الأمارة بالسوء على كثير من القيم والمبادئ والتعاليم، التي حث عليها الدين الإسلامي الحنيف.


يعكس ذلك كيف أصبح القريب الصديق الوفي الصادق من أغلى الثروات وأندرها، وصار الجميع وفق ذلك يتمنون أن يكون لهم أقرباء يصلونهم في محبة الله دون طمع في أمور دنيوية.. هكذا باتت صلة الرحم في المجتمعات الإسلامية أمورًا ثانوية حتى وصل الأمر إلى أن بعض الأسر لا تجتمع مع بعضها البعض إلا في المناسبات، ومن ثم اختفت العلاقات الأخوية والزيارات الودية لانشغال الناس بالمادة، تلك التي طغت على كثير من القيم الحميدة.

حق القرابة

للقرابة حق كبير أوجبه الله يجب مراعاته والقيام به، ومن ثمّ فمن كان أقرب فحقه ألزم وأوجب، فحقوق القرابة حق بأن يصل الإنسان من وصل رحمه، وضرورة لكل من أراد أن يبسط في رزقه وأن يطيل الله في عمره، لقوله صلى الله عليه وسلم: «من أحب أن يبسط له في رزقه وينسأ له في أجله فليصل رحمه»، إذن فصلة الرحم سبب لسعة الرزق ولطول العمر مع الثواب لصاحبه يوم القيامة.

وروي عن الإمام علي رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «من سُر أن يمد له في عمره ويوسع فليتق الله وليصل رحمه»، وكذلك أنه روي عن أنس رضي الله عنه عن النبي الأكرم صلى الله عليه وسلم سمعه يقول «إن الصدقة وصلة الرحم يزيد الله بهما في العمر ويدفع بهما ميتة السوء ويدفع بهما المكروه والمحذور».

اقرأ أيضا:

راجع قلبك.. ماذا تفعل عند استقبال خبر وفاة حبيب أو قريب؟

صلة الرحم 

إذن ومما لاشك فيه فإن صلة الرحم من الأعمال الجليلة، التي رغب فيها الرسول الكريم صلى الله عليه وسلم، ولقد قال عز وجل «وَآتِ ذَا الْقُرْبَىٰ حَقَّهُ»، وقال صلى الله عليه وسلم «من كان يؤمن بالله واليوم الآخر فليصل رحمه»، ومن ثمّ فإن صلة الرحم تضاعف ويعظم أجرها مع القطيعة، حيث قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «ليس الواصل بالمكافئ ولكن الواصل من إذا قطعت رحمه وصلها».

وروي عنه صلى الله عليه وسلم أنه قال أيضًا: «إن أفضل الفضائل أن تصل من قطعك وتعطي من حرمك وتصفح عمن شتمك»، فعلى العباد أن يحذروا من قطيعة الرحم، فإنها شؤم وخسران في الدنيا وعقوبة وعذاب في الآخرة إنها سبب للعنة الله والإعراض عن الحق قال تعالى: «فَهَلْ عَسَيْتُمْ إِنْ تَوَلَّيْتُمْ أَنْ تُفْسِدُوا فِي الأرْضِ وَتُقَطِّعُوا أَرْحَامَكُمْ (٢٢) أُولَئِكَ الَّذِينَ لَعَنَهُمُ اللَّهُ فَأَصَمَّهُمْ وَأَعْمَى أَبْصَارَهُمْ (٢٣)».

وعلينا ألا ننسى أيضًا أن قاطع الرحم يعرض نفسه للحرمان العظيم والوعيد الشديد، لقوله صلى الله عليه وسلم «لا يدخل الجنة قاطع» يعني قاطع رحم، كان ابن مسعود رضي الله عنه جالساً بعد الصبح في حلقة، فقال: «أنشد الله قاطع رحم لما قام عنا، فإنا نريد أن ندعو ربنا وأن أبواب السماء مرتجة ـــ أي مغلقة ــــ دون قاطع رحم».