يقول المولى عز وجل في كتابه الكريم: «وَلِلَّهِ الْأَسْمَاءُ الْحُسْنَىٰ فَادْعُوهُ بِهَا ۖ وَذَرُوا الَّذِينَ يُلْحِدُونَ فِي أَسْمَائِهِ ۚ سَيُجْزَوْنَ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ» (الأعراف 180)، ولعل من أبرز هذه الأسماء اسم الله تعالى (القيوم).
وجاء في السنة النبوية المطهرة، من حديث أنس بن مالك رضي الله عنه، قال: أَنَّهُ كَانَ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ جَالِسًا وَرَجُلٌ يُصَلِّي ثُمَّ دَعَا اللَّهُمَّ إِنِّي أَسْأَلُكَ بِأَنَّ لَكَ الْحَمْدُ لَا إِلَهَ إِلَّا أَنْتَ الْمَنَّانُ بَدِيعُ السَّمَوَاتِ وَالْأَرْضِ يَا ذَا الْجَلَالِ وَالْإِكْرَامِ يَا حَيُّ يَا قَيُّومُ فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَقَدْ دَعَا اللَّهَ بِاسْمِهِ الْعَظِيمِ الَّذِي إِذَا دُعِيَ بِهِ أَجَابَ وَإِذَا سُئِلَ بِهِ أَعْطَى.. إذن فهو اسم له دلالة عظيمة جدًا، وإلا ما كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول عنه ذلك.
نحن بحاجة إلى الله
ومعنى الاسم، أن الإنسان لاشك سيظل طوال حياته في حاجة ماسة إلى الله عز وجل، إلا أن الله سبحانه وتعالى لا يمكن أن يكون بحاجة إلى أحد مهما كان، فنحن قائمون بخلق الله لنا ، لم يخلقنا ثم تركنا، لا بل خلقنا ولازال يخلقنا فنحن نحتاج إليه حتى في وجودنا.
الله تعالى خلقنا محتاجين لغيرنا لكنه سبحانه لا يحتاج لهذا ولا لذاك.. فهذا هو معنى القيوم ولذلك جعلها أهل الله أيضًا من الأسماء السبعة الأصول التي يذكر بها الله عز وجل، وكثيرًا ما ورد في السُنة النبوية أنه اسم الله الأعظم الذي إذا ما دعي به أجاب.
(الله الحي القيوم) ، كلمة عظيمة ينبغي أن نفهمها ولكن أيضًا ينبغي أن نتعلق بها ثم ينبغي بعد ذلك أن نعيش فيها، ولذلك يحسُن توكلنا على الله واعتمادنا عليه والرضا بقضائه والتسليم بأمره والوقوف عند أمره ونهيه سبحانه وتعالى، ثم بعد ذلك كله يجب علينا أن نسعى في الأرض، في عبادته، في عمارتها، وتزكية أنفسنا تعلقًا بالحي القيوم سبحانه وتعالى.
آية الكرسي
أيضًا من الأمور التي تجعل من اسم الله (القيوم) أنه اسم الله الأعظم، أنها مما ورد في آية الكرسي في قوله تعالى: «اللَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ الْحَيُّ الْقَيُّومُ لَا تَأْخُذُهُ سِنَةٌ وَلَا نَوْمٌ » (البقرة : 255)، والقيم لاشك هو السيد.. ومن ثمّ فإن الله هو سيد الكون كله وخالقه.
والقيوم هو القائم بتدبير أمور الخلق وتدبير العالم بجميع أحواله ، فهو القائم بأمور خلقه في إنشائهم وتولي أرزاقهم وتحديد آجالهم وأعمالهم وتربيتهم ومعالجتهم والاستجابة لهم ودفعهم إلى ما فيه خيرهم وتأديبهم ، هو العليم بمستقرهم ومستودعهم، قال تعالى يؤكد ذلك: « وَمَا مِنْ دَابَّةٍ فِي الْأَرْضِ إِلَّا عَلَى اللَّهِ رِزْقُهَا وَيَعْلَمُ مُسْتَقَرَّهَا وَمُسْتَوْدَعَهَا » (هود:6).
اقرأ أيضا:
ليست كلها ضدك.. أسباب تحول بينك وبين استجابة الدعاء