يقول أحدهم: (ألح في الدعاء ولا يستجاب لي.. فما العمل؟).
الحقيقة أن كثيرًا من الناس يتعرض لهذا الموقف الصعب، ومنهم من يصل به الأمر للأسف لدرجة اليأس، وهو أمر لا يصح أن يتسم أو يتصف به مؤمن بالله عز وجل، لأن من شروط الإيمان بالله عز وجل، التسليم المطلق لأوامره وقضائه وقدره.
قال تعالى: «وَإِن يَمْسَسْكَ اللَّهُ بِضُرٍّ فَلَا كَاشِفَ لَهُ إِلَّا هُوَ ۖ وَإِن يُرِدْكَ بِخَيْرٍ فَلَا رَادَّ لِفَضْلِهِ ۚ يُصِيبُ بِهِ مَن يَشَاءُ مِنْ عِبَادِهِ ۚ وَهُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ» (يونس 107)، لذلك فقد كان صحابة رسول الله صلى الله عليه وسلم، يسألون الله فإن أعطاهم شكروه، وإن لم يعطهم كانوا بالمنع راضين، يرجع أحدهم بالملامة على نفسه فيقول: مثلك لا يجاب، أو يقول لعل المصلحة في أن لا أجاب.
لا تتراجع
لكن إياك أن تتراجع عن الدعاء يومًا، استمر في إلحاحك، فأنت لا تعلم ما يخبئ الله لك، وفي ذلك يقول الإمام ابن عطاء الله السكندري رحمه الله: (لا يكن تأخر أمد العطاء مع الإلحاح في الدعاء موجبا ليأسك؛ فهو ضمن لك الإجابة فيما يختاره لك لا فيما تختار لنفسك وفي الوقت الذي يريد، لا في الوقت الذي تريد).
ثم على كل مسلم أن يعلم يقينًا أن الله سبحانه حكيم عليم، فقد يؤخر الإجابة لمدة طويلة، كما أخر إجابة يعقوب في رد ابنه يوسف عليه، وهو نبي عليه الصلاة والسلام، فقد يؤخر الإجابة لحكمةٍ بالغة وقد يعطيك خيرًا مما سألت، وقد يصرف عنك من الشر أفضل مما سألت، كما جاء الحديث عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، أنه قال: «ما من عبدٍ يدعو الله بدعوة ليس فيها إثم ولا قطيعة رحم إلا أعطاه الله بها إحدى ثلاث: إما أن تعجل دعوته في الدنيا، وإما أن تدخر له في الآخرة، وإما أن يصرف عنه من الشر مثل ذلك. قالوا: يا رسول الله إذًا نكثر؟ قال: الله أكثر».
اقرأ أيضا:
ليست كلها ضدك.. أسباب تحول بينك وبين استجابة الدعاءحُسن الظن
إذن كل الذي عليك عزيزي المسلم، هو حُسن الظن بالله عز وجل، وعليك أن تستمر وتلح في الدعاء، فإن في الدعاء خيرًا لك كثيرًا، وعليك أن تتهم نفسك وتنظر في حالك، وأن تستقيم على طاعة ربك، وأن تعلم أن ربك حكيم عليم وقد يُعجلها لحكمة، وقد يعطيك خيرًا من دعوتك.
وفي الحديث الصحيح يقول نبينا الأكرم صلى الله عليه وسلم: «يُستجاب لأحدكم ما لم يعجل، فيقول: دعوت ودعوت فلا أراه يستجاب لي»، فيستحسر عند ذلك ويذهب الدعاء، فالزم الدعاء وألح على ربك، واضرع إليه وحاسب نفسك، واحذر أسباب المنع من المعاصي والسيئات، وتحرَّ أوقات الإجابة كآخر الليل وبين الأذان والإقامة، وفي آخر الصلوات قبل السلام، وفي السجود.