الله عز وجل وحده الذي يؤتي الملك وينزعه، منح سُلطة الأرض جميعًا لأربعة من خلقه، مؤمنان ، وكافران ، فالمؤمنان سيدنا سليمان بن داود عليه السلام، وذو القرنين ؛ والكافران بختنصر ونمرود بن كنعان ، إذ لم يملكها غيرهم.

وفي ذلك يقول المولى عز وجل في كتابه الكريم: «قُلِ اللَّهُمَّ مَالِكَ الْمُلْكِ تُؤْتِي الْمُلْكَ مَنْ تَشَاءُ وَتَنْزِعُ الْمُلْكَ مِمَّنْ تَشَاءُ وَتُعِزُّ مَنْ تَشَاءُ وَتُذِلُّ مَنْ تَشَاءُ بِيَدِكَ الْخَيْرُ إِنَّكَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ» (سورة آل عمران (26)، إذ أنه لما فتح رسول الله صلى الله عليه وسلم، مكة ووعد أُمته مُلك فارس والروم قالت المنافقون واليهود: هيهات هيهات (الفارس والروم أعزُّ وأمنع من أن يُغْلَبَ على بلادهم) فأنزل الله تعالى هذه الآية، ليبين أن الأمر كله بيديه وحده سبحانه، يعطي الملك لمن يشاء، وينزعه ممن يشاء وقتما شاء.

سليمان

نبي الله سليمان عليه السلام، هو أحد ملوك مملكة إسرائيل حسب الوارد في سفر الملوك الأول و التلمود، وقدّ مكنه الله وجعله ممن حكموا الأرض، وهو أحد الأنبياء الثمانية والأربعين وثالث ملوك مملكة إسرائيل الموحدة قبل انقسامها إلى مملكة إسرائيل الشمالية، وارتبط اسم سليمان بعدد من القصص المذكورة في العهد القديم مثل لقاءه مع ملكة سبأ التي ذكرت في القرآن كذلك وقصة قضاء سليمان بين المرأتين المتخاصمتين على رضيع، قال تعالى: «وَوَرِثَ سُلَيْمَانُ دَاوُودَ ۖ وَقَالَ يَا أَيُّهَا النَّاسُ عُلِّمْنَا مَنطِقَ الطَّيْرِ وَأُوتِينَا مِن كُلِّ شَيْءٍ ۖ إِنَّ هَٰذَا لَهُوَ الْفَضْلُ الْمُبِينُ (16) وَحُشِرَ لِسُلَيْمَانَ جُنُودُهُ مِنَ الْجِنِّ وَالْإِنسِ وَالطَّيْرِ فَهُمْ يُوزَعُونَ (17)».

ذو القرنين

أما المؤمن الثاني الذي حكم الأرض، فهو ذو القرنين، والذي ورد اسمه في القرآن كملك عادل، قد بنى ردمًا يدفع به أذى يأجوج ومأجوج عن أحد الأقوام، وذكره في حديث ابن عباس عندما سُئل عن ذي القرنين من كان، قال: «هو من حِمير، وهو الصعب بن مراثد، وهو الذي مكن الله له الأرض وأتاه الله من كل شيء سببا»، قال تعالى: «وَيَسْأَلُونَكَ عَنْ ذِي الْقَرْنَيْنِ قُلْ سَأَتْلُو عَلَيْكُمْ مِنْهُ ذِكْرًا .. إِنَّا مَكَّنَّا لَهُ فِي الْأَرْضِ وَآتَيْنَاهُ مِن كُلِّ شَيْءٍ سَبَبًا» (الكهف 84).

اقرأ أيضا:

"هو الذي أنزل السكينة في قلوب المؤمنين".. إذ اشتد الكرب هان.. ومع الضيق يأتي الفرج (الشعراوي)

بختنصر

أما نبوخذ نصر أو بختنصر أو بخترشاه فهو أحد الملوك الكلدان الذين حكموا بابل، وهو أكبر أبناء نبوبولاسر، ويعتبر نبوخذ نصر أحد أقوى الملوك الذين حكموا بابل وبلاد الرافدين، حيث جعل من الإمبراطورية الكلدانية البابلية أقوى الإمبراطوريات في عهده بعد أن خاض عدة حروب ضد الآشوريين والمصريين، كما أنه قام بإسقاط مدينة القدس مرتين، الأولى في سنة 597 ق م والثانية في سنة 587 ق م، إذ قام بسبي سكان المدينة وأنهى حكم سلالة داؤد، وقد ذُكر أنّ سبب تسمية ذي القرنين تعود إلى وصوله للشرق والغرب، حيث يعبر العرب عن ذلك بقرني الشمس.

النمرود

أما النمرود فهو أول جبار في الأرض، وكان حاكم بابل بالعراق، ولد 2053 قبل الميلاد، وهو شخصية تاريخية ذكرت لأول مرة في التوراة بالاسم كملك جبار تحدى الله، واسمه النمرود بن كنعان بن كوش بن سام بن نوح، بحسب ما ذكره «ابن كثير».


وقال ابن كثير، في كتاب «بداية ونهاية» أنه أول من وضع التاج على رأسه وتجبر في الأرض وادعى الربوبية، واستمر في ملكه أربعمائة سنة، «وكان قد طغا وتجبر وعتا وآثر الحياة الدنيا».


وقد وردت قصته في القرآن من خلال مناظرته مع نبي الله إبراهيم، عليه السلام، والتي ذكرها الله في سورة البقرة، في قوله «أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِي حَاجَّ إِبْرَاهِيمَ فِي رَبِّهِ أَنْ آتَاهُ اللَّهُ الْمُلْكَ إِذْ قَالَ إِبْرَاهِيمُ رَبِّي الَّذِي يُحْيِي وَيُمِيتُ قَالَ أَنَا أُحْيِي وَأُمِيتُ قَالَ إِبْرَاهِيمُ فَإِنَّ اللَّهَ يَأْتِي بِالشَّمْسِ مِنْ الْمَشْرِقِ فَأْتِ بِهَا مِنْ الْمَغْرِبِ فَبُهِتَ الَّذِي كَفَرَ وَاللَّهُ لا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ».