عزير بن جروة، ويُدعى أيضًا ابن سوريق، وهو نبي من أنبياء الله او رجل من الصالحين يمتد نسبه إلى هارون بن عمران -عليه السلام-، ويعتقد الكثير من الناس أن عُزَيْر -عليه السلام- من الأنبياء الذين أُرسلوا إلى بني إسرائيل، لكن لم يثبت ذلك بل هو رجلٌ صالحٌ من بني إسرائيل، وهو اختلافات ظهرت بوضوح في حديث فقد قال الرسول -صلى الله عليه وسلم- : "ما أدري أَتُبَّعٌ لعينٌ هو، أم لا، وما أدري أَعُزَيْرٌ نبيٌّ هو، أم لا"
وقد كان عزير سواء أكان نبيا أو رجلا من الصالحين ممن سباهم بخت نصَّر، وقد أعطاه الله الحكمة عندما بلغ الأربعين من عمره، كما أنه كان حافظًا وعالمًا بالتوراة، وقد ورد عن ابن كثير أن قبره موجود في دمشق ولا حرج في أن يقال له "عليه السلام" لأن عزير رجلٌ صالح وردت قصته في القرآن الكريم.
وقد جاء ذكر قصة عزير عليه السلام في القرآن الكريم : أَوْ كَالَّذِي مَرَّ عَلَىٰ قَرْيَةٍ وَهِيَ خَاوِيَةٌ عَلَىٰ عُرُوشِهَا قَالَ أَنَّىٰ يُحْيِي هَٰذِهِ اللَّهُ بَعْدَ مَوْتِهَا ۖ فَأَمَاتَهُ اللَّهُ مِائَةَ عَامٍ ثُمَّ بَعَثَهُ ۖ قَالَ كَمْ لَبِثْتَ ۖ قَالَ لَبِثْتُ يَوْمًا أَوْ بَعْضَ يَوْمٍ ۖ قَالَ بَل لَّبِثْتَ مِائَةَ عَامٍ فَانظُرْ إِلَىٰ طَعَامِكَ وَشَرَابِكَ لَمْ يَتَسَنَّهْ ۖ وَانظُرْ إِلَىٰ حِمَارِكَ وَلِنَجْعَلَكَ آيَةً لِّلنَّاسِ ۖ وَانظُرْ إِلَى الْعِظَامِ كَيْفَ نُنشِزُهَا ثُمَّ نَكْسُوهَا لَحْمًا ۚ فَلَمَّا تَبَيَّنَ لَهُ قَالَ أَعْلَمُ أَنَّ اللَّهَ عَلَىٰ كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ (259) سورة البقرة .
معظم المفسرين والمتخصصون في علوم القرآن أكدوا على أن تلك الآية تحكى عن عزي بن جروة كان عزيز يركب حماره ليذهب لضيعة له ، فلما أصابه الحر ساعة الظهيرة نزل من على حماره ، وكان بجواره خربة فدخلها ومعه سلة فيها تين وعنب ، فأخرج قصعة كانت معه وعصر فيها العنب ، وأخرج خبزًا يابسًا كان معه فألقاه في تلك القصعة حتى يبتل فيأكله.
سيدنا عزير لم يلبث أن استلقى على ظهره وأسند رجليه للحائط ونظر لسقف تلك البيوت ، وكان بها بعض العظام فقال كيف يحي الله هذه بعد موتها ، ولم يكن يقول ذلك ليشكك في خلق الله ولكنه كان يتعجب ، فبعث الله ملك الموت فآماته مائة عام ، ثم بعث الله ملكًا ليخلق له عينيه وقلبه ليرى كيف يحي الله الموتى ، ثم ركب الملك جسده وهو ينظر ثم نفخ فيه الروح .
وهنا جلس العزير فقال له الملك كم لبثت ؟ قال العزيز لبث يومًا أو بعض يوم وكان الملك قد بعثه أخر النهار قبل الغروب ، فقال له الملك بل لبثت مائة عام فانظر إلى طعامك وشرابك ، فوجد العنب والخبز على حالهما في القصعة والتين لم يتغير .
فأنكر عزير ما سمع في قلبه ، فقال له الملك أنكرت ما قلت لك ؟ فانظر إلى حمارك وكانت عظام الحمار قد بليت فنادي الملك على عظام الحمار فتجمعت ثم ألبسها العروق واكتست باللحم مرة أخرى ، ثم نفخ فيه الروح فقام الحمار واقفًا مرة أخرى رافعًا رأسه وأذنيه للسماء ، وهو ينهق معتقدًا أن يوم القيامة قد أتى فقال عزيز للملك أني أعلم أن الله على كل شيء قدير.
فركب عزيز حماره وعاد لبيته وكان له جارية كان عمرها عشرون عامًا حين غاب العزيز وكانت قد هرمت وفقدت بصرها ، لما رآها العزيز سألها هذا منزل العزيز ، فبكت وقالت له لم يعد أحد من بني إسرائيل يذكر العزيز .
فقال لها أنا العزير وقد أماتني الله مائة عام ، فقالت له إن العزيز كان مستجاب الدعوة فأدعو الله أن يرد بصري ، فدعا لها ومسح على عينيها فعاد إليها بصرها ، وقامت تمشي كأنها عادت شابة ، فلما رآته عرفته ، فانطلقت لبني إسرائيل في ناديهم لتخبرهم أن العزيز قد عاد .
وكان من بين الناس أحد أبناؤه وأحفاده وقد هرموا ، فقال له ابنه إن أبي كان له شامة سوداء بين كتفيه ، فلما كشف عنها ، قال له الناس إن عزير كان يحفظ التوراة ، فقد كان هناك ملك يدعى بختنصر قد حرق كل نسخ التوراة ولم يعد أحد يحفظها ، وكان عزيز قد دفن نسخة منها ، ، فأخرجها لهم وجلس في ظل شجرة وحوله بني إسرائيل فجدد لهم التوراة بعد أن نسوها .
اقرأ أيضا:
من نزع الروح إلى تحلله لتراب.. لماذا يبدأ الموت من حيث انتهى خلق الإنسان؟ (الشعراوي يجيب)لقصة عزير -عليه السلام العديد من الدروس المستفادة إن في قصص القرآن عِبرٌ ومواعظ يريد الله من عبادة التعلم منها، وفي قصة عزير -عليه السلام- مضامين لا بد للمسلم أن يفهمها وتتلخَّص في الآتي: دعوة إلى التفكُّر في خلق الله. الحثّ على الاهتمام بأحوال الأمة والعمل على إصلاحها بكل ما أوتي الإنسان من قوة وعلم. هذه القصة كذلك إثبتت قدرة الله تعالى على إحياء الموتى. دليل قاطع على البعث بعد الموت. فضلا عن أن الحال تتبدل من ضعف إلى قوة ومن خراب إلى ازدهار والعكس، وذلك بقدرة الله تعالى. توضيح أن الإيمان بالله هو طريق النجاة الوحيد لكل إنسان