ربيع الأول شهر ذو مقام رفيع عند الله تعالي فهو الشهر الذي ولد فيه النبي الأعظم محمد صلي الله عليه وسلم الذي كان مولده علامة فارقة بين الحاق والباطل والجاهلية والإسلام والنور والظلام حيث مثل ميلاد هذا النبي علامة بارزة علي انقشاع الظلام وبدابة نور الدعوة الإسلامية في البزوغ
بل وارتبط شهر ربيع الأول ارتباطًا كبيرًا برسول الله صلى الله عليه وسلم، ففيه مولدهوفيه هجرته ووفاته ، ويكفي لهذه الأحداث العظام أن تربطك حين يدخل عليك ربيع الأول بالمصطفى صلى الله عليه وسلم فهي محطات وأحداث عظيمة في حياة المسلمين وتاريخ البشرية والعالمين.
وفي هذا الشهر المبارك ولد النبي يوم الاثنين من ربيع الأول عام الفيل وهذا بإجماع أهل العلم ولكن اختلفوا في تحديد يوم مولده؛ فمنهم من قال أنه ولد يوم الثاني عشر من ربيع الأول وهو قول الأكثرية، قال ابن كثير - رحمه الله -: عليه جماهير أهل العلم.
فيما أشار بعض المؤرخين وكتاب السير أنه ولد في اليوم الثاني، ومنهم من قال في يوم الثامن، ومنهم من قال يوم التاسع يعنون بذلك من شهر ربيعٍ الأول، وكانت البشرية تعيش في ظلام دامس وجاهلية جهلاء يصورها لنا رسول الله في الحديث الذي رواه مسلم: « إنَّ الله نظر إلى أهلِ الأرضِ، فمَقَتهم عربهم وعَجَمهم، إلَّا بقايا من أهل الكتاب»، فكان مولده صلى الله عليه وسلم نور وضياء وهديَّة عظيمة للعالمين من ربهم.
وفي هذا الشهر المبارك بدت فيه أنوار النبوة وظهرت على العالمين، ربيع الأول الذي فضله الله - سبحانه وتعالى - بإرسال النبي صلي الله عليه وسلم - فيه، واحتفالنا بذكرى مولد النبي - ينبغي أن يكون بالعمل مع القول، وبالسرور والحضور بالحس وبالروح، ينبغي أن نحرك فينا بقدوم النبي - - للعالمين هذه المعاني، التي تجعلنا نبلغ عنه ولو آية كما أمرنا: "بَلِّغُوا عَنِّي وَلَوْ آيَةً" ،
اغتنام هذا الشهر المبارك بحسب جمهور العلماء يكون باستثمار هذه المعاني التي تجعلنا كما نفرح بمقدمه السعيد، نقف عند حدود حدها لنا، ونأتمر بأوامر قد أمرنا بها، وننتهي عن نواهيَ قد نهانا عنها - ﷺ - . كان في الظاهر والباطن، وكان في الخَلق وفي الخُلق، كان عظيمًا - ﷺ - ، ويكفي قول ربه فيه: " وَإِنَّكَ لَعَلَى خُلُقٍ عَظِيمٍ "
في هذا السياق وصفت السيدة عائشة رضي الله تعالى عنها الرسول صلي الله عليه وسلم : "كان خلقه القرآن" ، إذا أردت أن نبحث عن خلق سيدنا النبي - - فلتقرأ القرآن؛ كان مُؤْتَمِرًا بأوامره، ومنتهيًا عن نواهيه، متخلقًا بأخلاق الله التي أمر بها - سبحانه وتعالى - ، وهذا القرآن بين أيدينا، اجعلوه إمامًا لكم في هذا الشهر الكريم، واجعلوا ذلك الشهر بداية خير لحياتكم "وَافْعَلُوا الْخَيْرَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ".
لذا فالمؤمنون مطالبون خلال الشهر بالإكثار من فعل الخير كله، قالَ رسولُ الله – صلي الله عليه وسلم- : "لاَ يَحْقِرَنَّ أَحَدُكُمْ شَيْئًا مِنَ المَعْرُوفِ، وإن لَمْ يَجِدْ فَلْيَلْقَ أخَاهُ بِوَجْهٍ طَلِيقٍ، وإذا اشْتَرَيْتَ لَحْمًا أوْ طَبَخْتَ قِدْرًا فَأَكْثِرْ مَرَقَتَهُ واغْرِفْ لِجَارِكَ مِنْهُ" .
الفرح بسيدنا محمد وبمولده من الطاعات المطلوبة خلال هذا الشهر هذه المناسبة- مولد النبي – فعلينا أن نفرح بسيدنا رسول الله - ، حب سيدنا رسول الله وعلينا أن نعلم أبناءنا حب سيدنا رسول الله – صلي الله عليه وسلم - ،وأنه لا نجاة لنا من الفتن ما ظهر منها وما بطن إلا بسيدنا رسول الله - صلي الله عليه وسلم - ، التفوا حول سنته وشريعته ، بقلوبكم.. بعقولكم.. بسلوككم.. بحياتكم.. بأنفسكم وبيعوها لله.. أحبوا سيدنا رسول الله - ﷺ - فإن حبه ركن الإيمان ، وأكثروا من الصلاة عليه بالليل والنهار " يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيمًا" "
ومن المهم هنا الإشارة إلي أن كفالة اليتيم اعظم طاعة قربة يجب أن نقترب من الله منها خلال هذا الشهر باعتبار خلقا اسلاميا اصيلا يجب علي المسلم القيام به الإكثار منه خلال هذا الشهر : يمكن أن نفعله في هذا الشهر الأنور الكريم، يقول رسول الله : "أنا وكافل اليتيم في الجنةِ هكذا"، وأشارَ بالسبابة والوُسطى وفَرَّجَ بينهما شيئًا من شدة قرب كافل اليتيم به ، فمن استطاع منكم أن يكفل يتيمًا فليفعل،
ولتعظيم مقام هذا الخلق النبوي الأصيل قال رسول الله ﷺ : "من مسح رأس يتيم لم يمسحه إلا لله كان له بكل شعرة مرت عليها يده حسنات" سواء أكان ذلك اليتيم من قرابته أم من غيره من الأجانب، لا يبتغي إلا وجه الله ولكن يفعل هذا الفعل من الرحمة، لا لأن يقال إنه رحيم، ولا لأجل أن يأخذ جائزة من أحد، ولا مدحًا من مخلوق،
الرسول صلي الله عليه وسلم تحدث عن مناقب هذا الفعل بالقول : "الساعي على الأرملة والمسكين كالمجاهد في سبيل الله، أو القائمِ الليلَ، الصائمِ النهار" ، فلئن حيل بيننا وبين الجهاد في سبيل الله؛ حتى يرى الله منا مواطن الصدق،
، إلا أن الساعي على الأرملة والمسكين، والذي يفرِّج عنهم كرب الدنيا كالساعي في سبيل الله؛ وفي رواية أخرى متفق عليها يقول الراوي بإسناده إلى أبي هريرة رضي الله تعالى عنه : أحسبه قال: "كالقائم لا يفتر والصائم لا يفطر" أي أن الذي يسعى على الأرملة والمسكين فكأنما يقوم الليل ولا يمل ولا ينتهي، وكأنه يصوم النهار من غير انقطاع أبدًا؛ فأي ثواب لهذا ؟! هو ثوابك للأرملة والمسكين..
التماس سُنة رسول الله -صلى الله عليه وسلم- وشريعته، وفهم مراد ربنا من كلامه ومن وحيه لنبيه -صلى الله عليه وسلم- الإسراع في تطبيقه من الطاعات الواجب اغتنامها في هذا السياق والحصول علي اجرها كاملا في هذه الأيام المباركة .
وكذلك علينا في هذه الأيام المباركة ان نعود إلي الأدب مع رسول الله -صلى الله عليه وسلم- ، وأن نظهر إسلامنا في أعمالنا، وقوته في احتكاكنا بالكون عبادةً وعمارة،..