كثيرًا ما نقع في الذنب، ثم نتوب إلى الله، ونندم على ما نفعل، إلا أنه سرعان ما ننتكس ونعود إلى الذنب، وهكذا يكرر الذنب والتوبة، فهل هذا أمر صحيح؟.. والحقيقة أننا بشر، ولابد أن نخطيء ولكن كما قال نبينا الأكرم صلى الله عليه وسلم: «كل بني آدم خطاء وخير الخطائين التوابون».
ومن ثمّ استعجال التوبة من حسن الفطن وحسن التصرف، صحيح أن العودة إلى الذنب من سوء الفطن والتصرف، ولكن طالما يعود من فوره فلعل الله يربط على قلبه يومًا، ويبعد عنه وساوس الشيطان، فينتهي به الأمر إلى توبة لا رجوع فيها.
وقد وعد الله المستغفرين التائبين بالمغفرة والثواب العظيم فقال: «وَالَّذِينَ إِذَا فَعَلُواْ فَاحِشَةً أَوْ ظَلَمُواْ أَنْفُسَهُمْ ذَكَرُواْ اللّهَ فَاسْتَغْفَرُواْ لِذُنُوبِهِمْ وَمَن يَغْفِرُ الذُّنُوبَ إِلاَّ اللّهُ وَلَمْ يُصِرُّواْ عَلَى مَا فَعَلُواْ وَهُمْ يَعْلَمُونَ * أُولَئِكَ جَزَاؤُهُمْ مَغْفِرَةٌ مِنْ رَبِّهِمْ وَجَنَّاتٌ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا وَنِعْمَ أَجْرُ الْعَامِلِينَ» (آل عمران: 135-136).
الشخص الأواب
الوقوع في الذنب ثم التوبة منه سريعًا، وهكذا، يسمى صاحبه (أواب)، أي كثير الإنابة والعودة إلى الله عز وجل، وكثير الندم والرجوع إلى الله بعد فعل الذنب، وهو ما وصف به ربنا نبيه داوود عليه السلام، في قوله: «وَوَهَبْنَا لِدَاوُودَ سُلَيْمَانَ نِعْمَ الْعَبْدُ إِنَّهُ أَوَّابٌ»، ويسمى أيضًا (تائب) لأن الندم بعد الذنب توبة، وهو تصرف عظيم، لأن معناه أن القلب مازال مستيقظًا، يخشى الله عز وجل، تأخذه الدنيا حينًا، إلا أنه لا يترك نفسه بالكلية لها، وإنما يعود من فوره، تائبًا نادمًا عازمًا على عدم العودة إلى ما فعل.
لكننا بشر، وكما بين المصطفى صلى الله عليه وسلم فإن كلنا خطائون، لكن علينا ألا نتكاسل في التوبة، وأن نعود من فورنا إلى الله، وصدقًا سنجد الله توابًا رحيمًا، فقد جاء في الحديث عن سيدنا أبي هريرة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: « وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ لَوْ لَمْ تُذْنِبُوا لَذَهَبَ اللَّهُ بِكُمْ وَلَجَاءَ بِقَوْمٍ يُذْنِبُونَ فَيَسْتَغْفِرُونَ اللَّهَ فَيَغْفِرُ لَهُمْ».
اقرأ أيضا:
السؤال الأكثر شيوعًا بين الشباب.. هل الحب حرام؟وعد الله
وبالأساس طالما الشخص كلما وقع في الذنب تاب منه، فإن هذا يدل على حبه لله وخشيته منه ورغبته في التوبة ، وكراهته للذنب والمعصية لأنه يكره المداومة على فعلها، بل هو قد يكون من المتقين الذين قال الله عز وجل فيهم: : «وَالَّذِينَ إِذَا فَعَلُوا فَاحِشَةً أَوْ ظَلَمُوا أَنْفُسَهُمْ ذَكَرُوا اللَّهَ فَاسْتَغْفَرُوا لِذُنُوبِهِمْ وَمَنْ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ إِلَّا اللَّهُ وَلَمْ يُصِرُّوا عَلَى مَا فَعَلُوا وَهُمْ يَعْلَمُونَ»، ( آل عمران : 135 ).
وفي صحيح البخاري عن سيدنا أبي هريرة رضي الله عنه قال سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : «إن عبدا أصاب ذنبا وربما قال: أذنب ذنبا فقال: رب أذنبت وربما قال: أصبت فاغفر لي ، فقال ربه : علم عبدي أن له ربا يغفر الذنب ويأخذ به غفرت لعبدي ، ثم مكث ما شاء الله ثم أصاب ذنبا أوأذنب ذنبا فقال رب : أذنبت أو أصبت آخر فاغفره ، فقال : علم عبدي أن له ربا يغفر الذنب ويأخذ به ، غفرت لعبدي ثم مكث ما شاء الله ثم أذنب ذنبا وربما قال : أصبت ذنبا قال : قال: رب أصبت أو قال: أذنبت آخر فاغفره لي ، فقال : علم عبدي أن له ربا يغفر الذنب ويأخذ به ، غفرت لعبدي ثلاثا فليعمل ما شاء».