من من البشر من لا بخطئ، فيا صاحب المذنب.. اترك بينك وبين الله بابًا، وإياك أن تغلق كل الأبواب، حتى إذا ابتعدت عن طريق الله وجد الله لك بابًا يدعوك من خلاله للتوبة.
فقد كان هناك صحابي يدعى سهيل بن عمرو، وكان على سفر هو وزوجته، وفي أثناء الطريق، خرج عليهم قُطاع الطرق، وأخذوا كل ما معهم من مال وطعام.. كل شئ.. وجلس اللصوص يأكلون ما حصلوا عليه من طعام وزاد، فانتبه سهيل بن عمرو.. أن قائد اللصوص لا يشاركهم في الطعام.. لا يأكل ولا يشرب معهم.. فسأله: لماذا لا تأكل معهم؟.. فرد عليه: إني صائم.. فدهش سهيل فقال له: تسرق وتصوم !؟.. قال له: إني أترك بيني وبين الله باباً لعلي أدخل منه يوما ما.. وبعدها بعام أو عامين.. خرج سهيل للحج، وفوجيئ برجل بانت عليه علامات الزهد والخشوع، متعلق بأستار الكعبة!.. فاقترب منه فوجده ذلك اللص الصائم، وقد أصبح عابدًا.. فقال له له سهيل: أنت فلان اللص؟.. قال لقد تاب الله عليّ، ألم أقل لك "من ترك بينه وبين الله باباً دخل منه يومًا".
معنى جميل
فإياك أن تغلق جميع الأبواب بينك وبين الله عز وجل حتى ولو كنت عاصيًا، فعسى باب واحد أن يفتح لك أبوابًا كثيرة، وااعلم عزيزي المسلم أن باب التوبة مفتوح على مصراعيه، قال الله تعالى: «قُلْ يَا عِبَادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَى أَنْفُسِهِمْ لا تَقْنَطُوا مِنْ رَحْمَةِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعاً إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ» (الزمر:53)، وقال الله تعالى أيضًا: «يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا تُوبُوا إِلَى اللَّهِ تَوْبَةً نَصُوحاً عَسَى رَبُّكُمْ أَنْ يُكَفِّرَ عَنْكُمْ سَيِّئَاتِكُمْ وَيُدْخِلَكُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ» (التحريم: 8)، ويقول النبي الأكرم صلى الله عليه وسلم: «التائب من الذنب كمن لا ذنب له».
اقرأ أيضا:
كيف يكشف الشح عوراتك أمام الأخرين؟لن يُغلق
كن على يقين أن باب التوبة لن يغلق أبدًا، ولكنها محددة بشروط، أهمها الإقلاع عن المعصية فورًا، والندم على فعلها في الماضي، والعزم عزمًا جازمًا أن لا يعود إلى مثلها أبدًا، وإن كانت المعصية تتعلق بحق آدمي فيشترط فيها رد المظالم إلى أهلها أو تحصيل البراءة منهم، كما تلزم المبادرة بالتوبة لأن بابها يغلق عند طلوع الشمس من مغربها كما يغلق عند الغرغرة، يقول الله تعالى: «يَوْمَ يَأْتِي بَعْضُ آيَاتِ رَبِّكَ لا يَنْفَعُ نَفْساً إِيمَانُهَا لَمْ تَكُنْ آمَنَتْ مِنْ قَبْلُ أَوْ كَسَبَتْ فِي إِيمَانِهَا خَيْراً قُلِ انْتَظِرُوا إِنَّا مُنْتَظِرُونَ» (الأنعام:158)، ويقول النبي الأكرم صلى الله عليه وسلم: «إن الله يقبل توبة العبد ما لم يغرغر»، فاعمد عزيزي المسلم إلى التوبة من تلقاء نفسك، ولا تنتظر أحدًا، لأن الله ينتظرك فلا تتردد، فعن أنس رضي الله عنه، عن النبي الأكرم صلى الله عليه وسلم، فيما يرويه عن ربه قال: «إذا تقرب العبد إلي شبرًا تقربت إليه ذراعًا، وإذا تقرب إلي ذراعًا تقربت منه باعًا، وإذا أتاني يمشي أتيته هرولة».